سلسلة أعمال قديمة: أرشيف سبيس تون - وبعض الدبلجات الغريبة!

 شركة سبيس تون، أستوديو الزهرة، يونغ فيوتشر، وغيرها من التسميات. شركة أثارت الكثير من الجدل في السابق. هناك من ينظر لها أنها تحمي الطفل والأخلاق العربية، وهناك من يجيب ويشير إلى محاولات مثل رانما و أوساغي دروب تطرح الكثير من نقاط الاستفهام حول الخط التحريري للشركة. هناك من كان يلومها على العبث في التحريف وتشويه القصص لكنه اليوم يقول أنها أرحم من غيرها مما يبث أشياء لا تصلح للبالغين وليس الأطفال فقط. هناك من كان يتحدث وكأنه على قبرها لكنها اليوم مازالت في المشهد وموقفها تحسن عما مضى لكنها تغيرت كثيرا من نواح أخرى. 

هذه الشركة مرت بفترات عديدة بين مد وجزر... ونوعا ما عملت صورة معينة لنفسها مع الجمهور، لكن هناك أعمالا معينة تكسر هذه الصورة وتطرح نقاط استفهام كثيرة. بما أن هذه الأعمال لم تلق الرواج بنفس القدر، سنتحدث عن بعضها هنا. لكن قبل هذا كله، نشجعكم أن تلقوا نظرة على مقالتنا الأخرى "الكابتن ماجد - اسم واحد ومسميات كثيرة" لأن فيه سياقا كبيرا!


بحكم أننا سنتحدث عن اختلافات الدبلجات العربية والنسخة الأصلية، قد يحتوي هذا المقال على بعض الأوصاف أو الصور التي قد تسبب بعض الإزعاج لبعض الناس، فيرجى التوقف عند هذا الحد.



كان من الصعب أن أجد صورة لائقة لتتصدر هذا المقال، لكن نعم هذا فلم دبلجته الزهرة


أولا... ما هي معايير سبيس تون في المحتوى المقبول والممنوع؟

بحكم أن معظم ما تنشره سبيس تون كان موجها لجمهور من الأطفال، بغض النظر عن الشريحة العمرية الأصلية للعمل (لليافعين أو البالغين أو للأطفال) فقد حصلت تغييرات كثيرة في المحتوى تظهر أنها تحاول أن تستهدف جمهورا من الأطفال العرب المسلمين أساسا. 

إلا أن هناك أسبابا كثيرة تحملنا للظن أنها معايير طبقت لأسباب تجارية وليس بالضرورة عن قناعات شخصية أو التزام برسالة معينة... ذلك أن هناك اختيارات معينة لبعض الأعمال تضرب مباشرة في هذا، من قبيل:
  • يوكاي واتش: سلسلة كلها عن الجان من منظور ياباني. في الواقع هذه السلسلة بدأت ألعاب فيديو، ثم انميات وسلع تسويقية محيطة بها، وحتى تلك الأنميات حين بثت في الغرب توقفت دبلجاتها بسبب بعض محتواها الخادش للحياء (مثل جني معين عنده ابريق شاي بين ساقيه، أو بعض الجان التي تثير الشهوة، وغيره). الألعاب متجذرة في الثقافة اليابانية وحصلت تغييرات كثيرة لها في ترجماتها الإنكليزية لمحاولة تطويعها للجماهير الأجنبية، وفي مرحلة معينة منع بيع هذه اللعبة في السعودية. لهذا، أقل ما يقال في اختيار الزهرة لهذا العمل أنه اختيار محير، حيث أنها لم تكتف بالأنميات بل حتى تسويق السلع الجانبية منه.
  • رانما 1/2 (ينبوع الأحلام) : وهذه سلسلة بتصنيف إتشي (أي ما فيه تلميحات إباحية بدون الوصول إلى درجة العري والزنا الكامل، إذ أن هذه التصنيفات تولي أهمية كبيرة لهذا الأمر) وحتى تعبير "النصف" يحيل إلى نوعية الناس التي "نصفها السفلي مختلف عن العلوي" ويستخدم حتى لوصف المنسوبين لتلك الفئات. والبطل يصير منهم إذ أنه يسقط في "ينبوع الأحلام" ويتحول إلى فتاة كلما سكب عليه الماء الساخن. طبعا العمل كوميدي، لكن الكثير من تلك الكوميديا سببها تلك "المقالب". سبيستون تقول أنها حصلت على هذا العمل لأنه مع دفعة حقوق أنميات كثيرة أخرى (وهذا العذر شائع وحصل مع شركات فرنسية سبق أن اشترت أعمالا غير مفهومة) إنما هذا العمل بحد ذاته مشهور وباهظ، ومهما كانت تقطيعات الزهرة فهناك الكثير من اللقطات للبطل وهو يسقط تحت سيقان النساء وهو يضحك، وأمور أخرى غير قابلة للترقيع. وهذا يطرح أسئلة كثيرة ماذا احترمت الزهرة، فهي لم تحترم لا العمل ولا مؤلفيه ولا مشاهديه ولا الأخلاق التي تزعم أنها تحترمها.
  • بن 10: هذه السلسلة فيها بطلة تستخدم كتابا للسحر الأسود لاستحضار مخلوقات سحرية. علاوة على هذا كله، حصل هذا العمل مؤخرا على إعادة بث أضافت دبلجات للحلقات التي حذفتها في البث الأول، مثل أعياد نهاية السنة المسيحية. الزهرة تغير وتحذف مجرد تلميحات السحر، لكن يبدو أن معيار القبول هو وجود شركة أمريكية تدقق في السيناريو معها.
  • سيلور مون: نعم، الزهرة كانت تفكر بدبلجته، لكنها عدلت عن الفكرة. وظهر هذا العمل في سلع تسويقية وفي قوائم للأعمال التي لها حقوق لعرضها.
  • غينتاما: عنوان هذا العمل تلاعب لفظي على عضو للرجل. وهو عمل كوميدي لا يتورع عن النكت السامجة الجنسية متى تطلب الموقف، إنما الزهرة بثته مترجما ترجمة نصية (شنيعة) ومن ذلك أنها أخذت مشهدا لرجل مغمى عليه في غرفة السونا وعضوه ظاهر من تحت المنشفة وأضافت مليمترين من القماش فوق العضو وكأن تلك المشكلة الوحيدة في المشهد.
  • أوساغي دروب (قطرة من الندى): وهذا العمل كتبته مؤلفة لها نشاطات سياسية معينة اشتهرت بانزعاجها من العلاقات الأسرية الطبيعية وكل قصصها بلا استثناء تنتهي بعلاقات حب تخدش المقبول في المجتمع الياباني (لم نقل حتى العربي، بل الياباني نفسه) ومن بينها هذا العمل بالذات. القصة عن رجل أعزب يتبنى ابنة جده (أي عمته) التي عمرها 6 سنوات ويحاول أن يربيها بمساعدة جارته المطلقة التي لها ابن، ثم يلتقي بالأم المتبرئة كليا من ابنتها للتركيز على حياتها المهنية (كمؤلفة مانغا، بم يذكركم هذا؟) وطبعا يكبرون تدريجيا. المتوقع من نهاية العمل أن يتزوج الجارة، أو أن يحب الصغيران بعض، أو أن يلين قلب الأم، أو شيء من هذا القبيل، إنما ما يحصل في نهاية القصة شيء في غاية القبح وينتهي بعلاقة محرمة بين هذا الرجل وابنته بالتبني. أحست المجلة ومحرروها أن الموقف لا يطاق لدرجة أنهم طلبوا من المؤلفة إضافة كلام أنها ليست ابنة الجد الحقيقية و "لا توجد قرابة دم" و "الشيء عادي" لكن هذا موقف لا يقبل الترقيع. هذا العمل مشهور على النت أنه لحسة مخ، أو غدرة، أو استدراج لمشاهدين عاديين مهتمين بقصص بريئة لإلحاق أكبر قدر من الصدمة في النهاية. لكن، طبعا، اختارت الزهرة أن تدبلج هذا العمل! إبراء لذمتهم، قرروا أن يغيروا بعض الأشياء لكن تغييراتهم زادت الطين بلة.
وهذا غيض من فيض. لو دققنا أكثر سنجد أعمالا تروج لنماذج سيئة جدا من الأخلاق والعلاقات الأسرية، لكن الهدف من هذا ليس تصيد الزلات للزهرة، بقدر ما هو إثبات أنها شركة تعمل لهدف الربح لا أكثر. وأظن أن بقية المقال ستثبت الأمر أكثر.

لم يكن قلق الزهرة خاليا تماما من المبررات، إذ أن هناك قنوات كثيرة كانت ترفض البث للأعمال التي تحتوي مشاهدا معينة في تلك الفترة.

كيف كانت الأستوديوهات الأخرى تتعامل مع الأعمال المدبلجة أصلا؟

هذه المعايير لا تخص فقط الأنميات المدبلجة، إذ نجدها في كتب الكومكس المترجمة والسلاسل التلفزيونية وغيره، لكن سنكتفي بهذا.
علما أن هناك أعمالا دبلجت في ذلك الزمن تعمدت عدم الحجب بتاتا (مثل Fortune Quest "رحلة البحث عن الكنز المفقود" الذي فيه شخصيات نسائية عارية بنسبة 90% وبنت متنكرة يكتشفون أنها بنت عند خلع ملابسها، في دبلجته المصرية، أو باكي بدبلجته اللبنانية التي وزعت حصريا في الأشرطة وقتها)

السياسة
حسب بسام حجاوي، منتج النسخة العربية (المدبلجة في الأردن)، ونقلا عن فهد الزيارة: عندما بدأت التحضيرات لدبلجة مسلسل (الأميرة الصغيرة سارة) إلى اللغة العربية عام 1987م، انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الأولى والتي حظيت بدعم كبير من الدول العربية.
وفي ذلك الوقت كان هناك اعتقاد سائد لدى البعض بأن اسم "سارة" من أصل عبري، لذا وتجنبا لمنع عرض المسلسل على القنوات العربية، تقرر تغيير اسم شخصية المسلسل من "سارة" إلى "سالي". (من المفارقات أن الاسم الذي اختير لأسباب نطق اتضح أن له نفس الأصل الآرامي مع سارة...)

كذلك يوجد عمل اسمه أسطورة أبطال المجرة دبلج في لبنان (على يد أستوديوهات "النجم الساطع" المغمورة) إلى "حرب الكواكب" وتوقفت الدبلجة عند 25 من أصل 110 حلقة (دون احتساب الإضافات) لكن كان واضحا رعب المترجمين من أي تلميح سياسي. فالقصة الأصلية كانت حربا بين قوتين عظمى، الأولى تتبع الديمقراطية (حكم الشعب) والثانية تتبع الملكية (حكم قائد واحد) لكن الشخصيات تخصص وقتا كبيرا لذم عيوب الفكرتين ومدح فضائل الفكرة الأخرى والحديث عن أسباب الفساد. ومن الملفت أن هناك شخصيات أقدمت على جرائم لا تغتفر لكن حتى لو كانت خصوم الأبطال فلها فضائل وأعمال خيرية وناس تأسفت عليها، مثلما هو الحال للشخصيات الرئيسية نفسها. الحلقة الأولى تفتتح في النسخة العربية بحديث لا علاقة له بالأصل كله كلام أنها قصة من وحي الخيال لا علاقة لها بالحقيقة، وبقية حوارات القصة وحتى الشخصيات نالها نصيب كبير من "التبسيط" والحذف. لم نعد نحكي عن ممالك وتحالفات، بل مدينة ومدينة. وكل الحديث عن الماكيافيلية والسفسطة والمغالطات طرح بأكمله من الدبلجة. (وحصل غير ذلك الكثير تجنب الحديث عن محضية القيصر، وتغيير "العباد/الحجاج" إلى "سياح" وأشياء كثيرة...)

هناك حركة مثيرة للانتباه أيضا في دبلجة "حرب الكواكب" وهي تغيير كل الرتب الحكومية إلى "مسؤول" وكل الرتب العسكرية إلى "قائد" أو "نائب قائد" إن اقتضى الأمر. وهذا الأسلوب يبدو أن سببه تفادي أن ينزعج "شخص مهم" ما في دولة عربية أخرى ويمنع بث العمل (وفي الواقع بعض الدول العربية خاصة في شمال أفريقيا كانت تقتطع من الكراتين بعض الكلمات التي تزعج السلطات مثل الرتب العسكرية وأسماء الأشهر، إلا أنها ظاهرة انقرضت تقريبا بعد 2005) ويلاحظ أن سبيس تون اعتمدته وأضافت إليه تجنب مصطلحات "ملك" و "سلطان" و "رئيس" و "أمير" وحتى صيغها بالمؤنث مثل "أميرة". إلا أنه حذر زائد، كما أثبتت الكثير من المواقف اللاحقة. وحتى سبيستون نفسها بثت شيئا عن "ثورة" (في سياق أحداث تاريخية فرنسية) في انمي البؤساء بعد 2010، لكن لا تزال تظهر تصرفات غريبة في الترجمات بين الحين والآخر.

يشمل هذا تجنب الحديث عن النازية (ليس دائما، لكن كثيرا). على سبيل المثال، في الدبلجة الأردنية من زهرة الجبل (ألبن روز) نسمع تعابير غير منطقية مثل "تلك الفتاة متورطة في تنظيم معاد للأعداء" يقولها شخص متواطئ مع الاستعمار الألماني لبلده في الحرب العالمية الثانية ومتعاون معهم. وهذا يجعلنا لا نستغرب أن الزهرة تعمل معالجة الكترونية لحذف الصليب المعقوف واستبداله بدائرة سوداء (لحن الحياة) من بعض دبلجاتها.

الخمور
مع أن الدبلجات اللبنانية كان معروفا عنها تساهلها الكبير مع المحتوى (مثل مرور المواضيع الدينية والجنسية مع تلطيف المصطلحات بالكاد إلى "المتلصص" أو "السيدة التي اضطرت لعمل مهنة معينة وصارت مختلفة عما كنا نعرفها" أو "سأعلمك كيف تكلم الفتيات" أو "كومة القذارة" أو "الكائن الراعي" وغيره، وحتى مشاهد استحمام كاملة في رانزي) إلا أنها كانت تقلل لقطات ظهور الخمور (بتكرار اللقطات أو قصها) وتغير التسميات للعصير، وهذا الشيء بدأ منذ أولى محاولات الدبلجة مثل جزيرة الكنز، حيث اختصر مشهد من الحلقة الأخيرة بطلب من الممثلين. كذلك في الكثير من الأعمال اللبنانية والأردنية والعراقية كانت تحذف مشاهد كاملة إن اقتضى الأمر، لكن ليس دائما. أحيانا كان يغير الاسم إلى المشروب، ولو هناك أنواع كثيرة يصير عصائر طبيعية، أو خلطات حليب وليمون وسكّر (بالشدة فوق الكاف).

الدين
أي شيء متعلق به كان عادة يحذف. بعض الدبلجات كانت تحتفظ بذكر الكنائس لكن صارت تغيرها وتحذف الصلبان ومشاهد ظهورها. المواضيع الدينية نفسها كانت تحور في قصة العمل، وإن كانت مخلوقات معينة يتغير ذكرها إلى "الوحش" أو "الراعي" أو "سيدي القاضي" (في دبلجة دروب ريمي). 
هذا يمتد حتى لما كان اللبنانيون يدبلجونه، فمعظم المسلسلات المكسيكية كانت تستغيث كثيرا بالعذراء (وأحيانا تصور تماثيل لها) وبالمسيح وتقول أن هذا من فعل الشيطان، لكن الكثير من ذلك كان يستغنى عليه، بل ويطير. السياق المقبول الوحيد لهذا يكاد يكون الأعمال التاريخية.

حتى ديزني نفسها التي كانت تصر على عدم تغيير دبلجاتها اضطرت لترضخ لطلبات الجمهور العربي من هذه الناحية. مع فلم هرقل كانت القصة كلها مستوحاة من قصة هرقل البطل الخرافي اليوناني الذي كان ابن "إله" وانسانة، مما جعله "نصف إله"، وتحدث عن مغامراته وانجازاته وحبه لبشرية (كانت تغويه لدرجة أن الدبلجة الصوتية الكاملة للعمل لم تعرض إلا نادرا حتى ظهور خدمة ديزني+ إذ أن موزع أقراص ال DVD للسوق العربية حذف واختصر تلك المشاهد) ثم نزل إلى عالم الأموات ليلحقها ويستردها. وطبعا بما أنها ديزني، فقد أنتجت سلسلة تلفزيونية من عشرات الحلقات في نفس عالم تلك القصة.
بعد إلحاح من معدي النسخة العربية، استخدم مصطلح "الأولمبيين" (نسبة لجبل الأولمب، وهو جبل آلهة اليونان حسب أساطيرهم) تفاديا لمصطلح "الآلهة"، إلا أن ذلك لم يشفع للعمل مع الرقابة المحلية ومنع بثه وتداوله في معظم دول الخليج والكثير من الدول العربية الأخرى لأن استبدال مصطلح واحد والقصة كلها أساسا مشاكل لم يكن كافيا وقتها. بعد هذا، ألغت ديزني خطط دبلجة المسلسل التلفزيوني، وكانت خطوة نادرة منهم (لم تتكرر إلا مع Strange World، الذي كانت له خطط دبلجة لكن ألغيت مبكرا، وعقبت دبلجة فلم بظ يطير الذي كانت فيه علاقة بين امرأتين تخدش الأخلاق رفضت ديزني تغييرها ولم تجد أي دولة عربية تبثها فبقيت دبلجة كاملة مركونة في الرفوف.) وفي وقت لاحق دبلجت ديزني فلم كوازيمودو للعربية وصارت Beata Maria التي هي دعاء توسل للعذراء في النسخة العربية "يا ربي". يذكر أن قناة ج (الجزيرة للأطفال سابقا) أنتجت نسخا فيها حجب أكثر للمصطلحات المخلة في أفلام ديزني، لكن دبلجتهم البديلة لفلم كوازيمودو لم تبث أبدا مع أنها جاهزة، ولا ندري كيف غيروها أو ماذا استطاعوا أن يغيروا فيها.

أحيانا مع هذا كانت تحصل محاولات لتغيير المواضيع الدينية الأجنبية إلى مواضيع دينية توافق مشاعر العرب والمسلمين، إلا أن لهذا نتائج كارثية مثل حالة الدبلجة اللبنانية لعمل آن والبراري الخضراء ("شما والبراري الخضراء") الذي صارت الكثير من التعاليق حوله تتهم المدبلجين أنهم يشوهون العقيدة. وكان السبب أنهم غيروا دعاء مسيحيا إلى كلام في نفس المعنى بتسميات إسلامية إلا أنهم وقعوا في مسائل فقهية لا يحمد عقباها بسبب بعض الجمل، وتغير القصد من "نقل فكرة أجنبية" إلى "تعليم الناس دينهم بطريقة غلط" واختفى هامش تساهل الجمهور مع العمل الأجنبي نتيجة لذلك.

الجنس
هذا النوع من المحتوى كان يتسرب في السابق لكنه أيضا كان يحذف، ولم يكن غريبا أن تطير حلقات كاملة حتى من الدبلجات اللبنانية بسبب هذا، سواء كان المحتوى الخليع كالاستحمام والملابس الداخلية (ويذكر أن من أول ما حجب في النسخ اللبنانية كان مشاهد كهذه من ساندي بل) أو العلاقات المحرمة (وكثيرا ما كانت تغير إلى الزواج أو الخطوبة أو الحب، أو تحذف كليا خاصة لو كانت علاقات خارج الزواج أو تصرفات لا تؤدي إلى استمرار السلالة البشرية أو مهن غير شريفة، بل حتى في دبلجات أنميات الشوجو عندما كانت البطلة تعانق أبطالا آخرين غير الحبيب الرئيسي على أساس أنهم "مجرد أصدقاء" كانت تحذف تلك المشاهد). المبالغة في الحذر وصلت لدرجة تجنب استخدام لفظ "الأيتام" أو "الميتم" في الدبلجة الأردنية لصاحب الظل الطويل، ليس فقط من باب المراعاة من ناحية اختيار التسمية، لكن أيضا لأن البطلة بنت مجهولة الوالدين تخلت عنها أمها. لكن أحيانا بسبب حسن نية المدبلجين الزائد أو عدم فهمهم للبلاوي المبطنة في المشاهد تتسرب مصائب خاصة فيما يخص العلاقات المحرمة ومواضيع تشبه ذلك حتى الدول الأوروبية حذفتها، على غرار أخي العزيز (الذي حاولوا بعد البث الأول إعادة دبلجته مرة ثانية بتقطيع شديد لإنقاذ الموقف، ثم يئسوا من إعادة بثه) وحتى المحقق كونان (حلقة سمفونية ضوء القمر التي فيها مجرم "تنكر" كي ينتقم لأسرته، وبعض الخيانات الزوجية) مع أنهم تداركوا الأمر أكثر من مرة (مثل الدبلجة اللبنانية لهايكارا سان التي استغنت عن حلقات كاملة، وليدي أوسكار التي أتقنت دبلجة العمل بدون أن تلاحظ أي مشاكل فيه.)

فكرة تلبيس الشخصيات الكترونيا ليست من ابتكار الزهرة كذلك، فقد سبقتهم إليها أعمال مثل توتة في المريخ (دبلجت في لبنان لكن وراء أسماء وهمية كثيرة للاستوديات نسبتها لليونان أو قبرص أو غيره، التفافا على تدهور العلاقات بين بعض الدول العربية في أول التسعينات أدت لمقاطعة الواردات الثقافية منها وأي شيء يحمل أسماء تلك الدول) المرخص من هارموني غولد، حيث قررت الدبلجة العربية أن إحدى الشخصيات النسائية ترتدي لباسا فيه فتحة صدر مكشوفة أكثر من اللازم وأضافت لها تلبيسا أسودا يغطيه حتى عنقها.

التسميات التي تنطق عيبا عند العرب
هناك كوارث تسربت في السابق للدبلجات العربية مثل "السلحفاة Zippy" التي لا يمكن أن تطلع إلا من دبلجة لبنانية، والتي لا نعلم ما مس الجنون الذي أصاب مترجمها وممثليها (إذ أن اللفظة المعيبة العربية فصيحة ومن بين أقدم الكلمات في اللغة العربية ولا يمكن التذرع باختلاف اللهجات ولا بأن الحرف هو P لأنهم ينطقونها "ب" بوضوح عن سبق الإصرار والترصد، فالسؤال صار "كيف لا يمكن الالتباس؟")
إلا أنهم صاروا حذرين أكثر من هذه الناحية، فمثلا أنمي Mahoujin Gururu بدبلجته العربية اللبنانية (الممتازة، لكن المفقودة والتي نبحث عنها) غير اسم البطل Nikke إلى مايكي. كانت التسميات حتى تغير لتسهيلها على اللسان لا لشيء إلا لأن الممثل ارتاح لذلك أكثر في النطق، مثل "كونان" الذي صار "عدنان" في الدبلجة العراقية الأصلية لأنمي "عدنان ولينا"، أو تتغير كل التسميات إلى أسماء عربية خالصة بغض النظر عن منطقية القرار (مثل عمل عن ديفيد كوبرفيلد احتفظ بالعنوان الأصلي لكن غير كل أسماء الشخصيات لأسماء عربية بما في ذلك ديفيد هذا!) وبالتالي لا يمكن أن نعتب على سبيس تون أنها من أدخلت هذا الأسلوب.

الدموية
بدرجة أقل لدرجة أنه كان يحصل التساهل معها مثل البث الأول لأعمال مثل زهرة الجبل (الأردن) أو حرب الكواكب (لبنان) والثاني تحديدا كان مشهورا بدمويته المفرطة حيث تظهر اللحوم المقطعة طوليا وكأنها لحمة يقطعها جزار ويشرحها ويظهر تفاصيلها الواقعية. إلا أنه كان يحصل أن تتسرب بعض الأشياء ثم تحجب في البث الثاني.

تعامل الزهرة مع هذا كان غريبا جدا، إذ أنها أحيانا تحجب حتى عبارة "سأقتلك" (تصير "وإلا... وإلا" في القناص 99، أو "سأقضي عليك" في غندام وينغ) وحتى وخزة الإبرة في الإبهام في القناص 99، لكنها تحتفظ بطحن القلوب (أيضا، نفس دبلجة القناص 99) وقطع الرؤوس والجثث المطعونة (طالما اللقطة سريعة أو مظللة أو خالية من الوقع الدرامي) وحتى المجازر (مثل الحلقة الأخيرة من Shin Hakkenden) وأحيانا من فرط التساهل مع الأمر لا يكترثون بجعل النص يتناسق مع الصورة (مثل سقوط البيت على البنت في "أنا وأخي" أو الطفل المشنوق في حلقة امرأة الثلج في المحقق كونان بينما الممثلة تبذل مجهودها في اقناع المتابعين بقصة خيالية أخرى) وحتى تخلوا عن ذلك كليا مع سبيس باور، لكن رجعوا له مع القناص 2011 (بأسلوب تغيير لون الدم أو المشهد للأبيض والأسود)، بالتالي يمكن القول أنه شيء لا يأخذونه على محمل الجدية لكن يعملونه إرضاء لمعايير البث وعادي لو يتسرب شيء أو إثنين تتولاه القنوات التي اشترت منهم العمل. وربما لا لوم على الزهرة هنا، فما نراه في تغطيات الأخبار لما يحصل في الدول العربية أشنع مما في هذه الكراتين.

ما معنى نقد الزهرة بالذات لو الجميع يغير الدبلجات؟


الزهرة تقدم نفسها أيضا أنها تحرس مبادئ شباب المستقبل وتربيتهم، والحقيقة أنه حفزها على ذلك بعض الأزمات مثل نقد جاءهم على استخدام كلام مثل "أيها المخنث" في لحن الحياة، أو مهنة الكاهن والصلبان والتحرش الجنسي الواضح في داي الشجاع، واللباس الخليع جدا مع لقطات تعري كامل في ناديا والماء الأزرق ("الماسة الزرقاء")، ومشاهد الانتحار في المحقق كونان التي قلدها بعض الأطفال، وطبعا كل الجدل المحيط بدبلجة بوكيمون بدءا من نظرية التطور إلى العلاقة بالقمار وبعض الشائعات.

الكثير من هذا يرجع إلى بادرات شخصية وبعض الممثلين والمعدين فعلا يعرفون أن إنتاج أعمال للأطفال فيه رسالة ومسؤولية مهمة ويبذلون بعض المجهودات من عندهم. من قبيل ذلك بعض التعاليق المبطنة (أغنية هزيم الرعد) والصريحة (أغنية عن محمد الدرة بقيت تعرض حتى 2009 إلى أن جاءت ضغوطات سياسية لا تطاق عليهم) عن بعض القضايا العربية. ومحاولة تحبيب الناس في الشعر (مثل الافتتاحية الغريبة لأنمي سيف النار) وأمور أخرى متعلقة بالمحتوى.

إلا أن الشيء المؤسف الذي جلب الكثير من السخط لأسلوب الزهرة احتقارها الكامل للأعمال واستخفافها بعقول الجماهير التي تسوق لها.

"الخيال حرام"
مرت فترة من فترات الزهرة خرج فيها بعض الممثلين فيها وقالوا أن الأستوديو يريد التقليل من كل شيء "سحري" ("عجيب" كما تخففه شركات الدبلجة الأخرى، تفاديا للخلط بين السحر الأسود والألعاب النارية التي تعملها البنات عندما يلبسن الثياب العجيبة) أو "خرافي" أو لا تفسير علمي له. من بين ما أعلنوا أنهم يتجنبونه هو "الخيال"، نعم بهذه العبارة.
طبعا لم تستغرق هذه المرحلة مدة طويلة قبل أن يتراجعوا عنها، لكن في أثناءها كان هناك هوس كبير بإضافة "تفسيرات علمية" للأشياء الغريبة التي تحصل في العمل. مثلا، في الدبلجة المشؤومة التي لم تدم كثيرا لدراغون بول من الزهرة، فالتنين المذكور في عنوان العمل لا يظهر بتاتا. والذيل الذي عند سون غوكو (غوغو في الدبلجة) صار "ذيلا ميكانيكيا"، والقرد العملاق المجنون الذي يظهر في الليل هو وحش مختلف لأن فكرة "التحول إلى وحش" صارت الزهرة تستهجنها في تلك الفترة. وبالطبع صارت الكثير من الشخصيات تقول عن نفسها أنها من العلماء الذين يجرون أبحاثا في الطبيعة، وهذا لتفسير السابق ولا علاقة له بالقصة الأصلية إنما من فرط ما أكثروه صار العلم منتشرا في عالم دراغون بول المدبلج.

لا يعني هذا أن الزهرة ترحب بأفكار الخيال العلمي. فأمور مثل التنقل الفوري، أو السفر عبر الزمن، صارت ممنوعة. ولتفسير ما يظهر في الشاشة، صارت تنتج شخصيتين مختلفتين من نفس الشخصية، إلا أن الصور كثيرا ما تغني في وادي والنص يغني في وادي آخر.

الكذب الذي يولد الكذب
الزهرة كان لها أسلوب آخر وهو أنها لا تكترث أبدا بسلامة الحبكة القصصية، بل تحتقرها تماما.

القصص لها منطق داخلي معين، الشخصيات لها أسباب لتقدم على تصرفاتها، الأحداث لها نقطة بداية ونقطة نهاية، وغيرها من أساسيات السرد. عادة ما تكون هذه الأساسيات هي السبب الوحيد ليواصل المتابع العمل. لكن الزهرة كانت ترى غير هذا، بتعلة أن الأمر موجه للأطفال (لكن الأمر استمر حتى عندما صار موجها "للشباب" كما زعموا مع سبيس باور التي لم تغير إلا حجب الدموية) وهذه التعلة قدموها كثيرا في معرض التبرير لهذا.

البداية كانت من سطر واحد تقرر الزهرة أنه يجب أن يتغير، لكن الزهرة تقرر أن تضيف أسطرا لبقية مشاهد القصة متعلق بذلك السطر، فتتورط أكثر وتغوص أكثر في المتاهة. تغيير علاقة ران بسينيتشي في المحقق كونان إلى "خطوبة" كان تصرفا مفهوما لكن المحير هو كيف تضاف حوارات من نوع "متى موعد الزواج" مع أنها كذبة كبيرة يستحيل ان تواكبها القصة (بل أن أحداثا لاحقة تنقضها)، وسابقا تحدثنا كيف ذيل غوكو في دراغون بول الذي صار "ميكانيكيا" أدى إلى "بولما باحثة وعالمة" وهذا كله هروب للأمام لا يخدع أحدا بقدر ما هو استخفاف بالقصة واستبلاه للمتابعين وكأنهم سيصدقون الأكاذيب الكبيرة المتوالدة من الكذبة الأولى (مهما كانت كذبة بيضاء).

العذر الثاني الذي كانت تقدمه الزهرة أن تلك النصوص المفبركة هي دروس مواعظ تعلم الأطفال الأخلاق السليمة. ولا يمكن أن أقول أن تربية الأطفال أفضل مصدر لها هو كراتين يصرخ فيها الأطفال على آبائهم (وإن غيرتهم الزهرة إلى "زوج الأم الذي سرق ميراثي" في F ولو أننا نتساءل ما علاقة هذا بنصح شاب طائش أن يوقف تهوره وسياقة السيارة مع البنات -هناك في النسخة المدبلجة في أحيان كثيرة صوت بنت مجهول المصدر لأن الشاشة لم تظهرها- وما المبرر أن يصيح على شخص أكبر منه، وما المبرر لتدبلج الزهرة ذلك العمل بكبره والحال أن تصنيفه إتشي) لكن الناس تترك الرضع للشاشات كي تعلمهم التوحد فمن أنا لأعلمهم العكس؟

فلنأخذ مثالا على دروس الأخلاق الحميدة تلك. هناك مشهد من الماسة الزرقاء يستغرق تقريبا نصف حلقة لغرانديس وناديا في حوض استحمام وهي تسألها عن حبيبها، وطبعا أصوات الماء موجودة في النسخة المدبلجة. سبب وجود هذا المشهد هو الإثارة الرخيصة للشهوات، وليس وكأن الأستوديو لم يكررها مع غانبستر وغيره. الزهرة غيرت هذا لدرس أخلاق عن "فترة المراهقة" وأرادت تقديمه أنه خدمة للمجتمع. عدا أن محاولة تعتيم الفكرة الأصلية والهروب منها فشلت تماما، وكأن الزهرة تريد أن تقول "هذا المشهد محجوب أنظروا كم مقصي رائع!" (وهناك أسباب كثيرة تحملنا للظن أن أسلوبهم فعلا استعراضي هكذا أكثر مما يشغل نفسه بتحقيق الفائدة الفعلية) إلا أن أي شركة أخرى طبيعية كانت لتستغني عن المشهد برمته ببساطة، بدل دقائق كاملة من هذه المهزلة.

النهاية الطبيعية لدروس الأخلاق الحميدة كانت دبلجة غامضة الظروف للمحقق كونان بثت في قناة المجد وعمل عليها نفس طاقم العمل الأصلي مع تعتيم خفيف على أسماء المساهمين، تحت عنوان "كمال ابن القاضي منصور"، وتحاول هذه الدبلجة أن تقدم نفسها أنها موجهة للجمهور المحافظ المتزمت، فلا توجد موسيقى ولا توجد مشاكل في المجتمع وحتى السارق كايتو كيد اعتقلوه في بداية الحلقة الأولى وسيطبقون فيه الحد قريبا، وكل حديث الشخصيات (التي أسماؤها عربية) في حياتها اليومية في الشارع عن عذاب القبر ويوم القيامة وهو ما يتحدث فيه المسلمون عادة في الشارع بدل الحديث عن الطقس أو أخبار عائلاتهم وأصدقائهم كما يفعل الكفار. ليس هذا جديدا على الزهرة لأنها جلبت الكابتن ماجد لموسم كامل يطبل فيه لحليب نيدو وجلبت كونان ليطبل لمعجون أسنان ومتاجر وبرامج مسابقات، فلم يكن جديدا عليها هذا. لكن الأمر بمنتهى الصراحة وصل درجة الاستخفاف حتى بالفكرة التي يريدون الترويج لها. فعلى سبيل المثال سلمى (أيومي) مازالت سافرة وتختلط مع الذكور في المدينة الفاضلة لكمال ابن القاضي منصور، وثغرات منطقية كثيرة أخرى... العرب لا يفتقرون للإمكانيات المادية لدرجة عدم إنتاج أعمال تعبر عن دينهم (مثل فلم كرتوني عن الرسالة النبوية دبلجته الزهرة نفسها كان خطوة في الاتجاه الصحيح وتعرض للنقد بسبب عدم ظهور قصة الإسراء والمعراج) وهذا يجعل من هذه الهفوة محيرة. 

وهناك انمي عن قصة صينية بعنوان الممالك الثلاثة دبلج باسم صقور الأرض وقدموه أنه شخصيات فاتحين إسلاميين (ولو أن الوضع أقرب منه لنزاعات ملوك الطوائف في فترات الانحدار) فيه كوارث مشهورة مثل "لا أشرب الخمر يا سيدي فأنا رجل مؤمن، حضر لي شراب الورد" يقولها لجيش يفترض أنه من المسلمين. في حين أن السطر الأصلي يقول فيه "احتفظ لي بهذا الكأس لما بعد المعركة" ولا ندري ما الداعي لذكر الخمر و"شراب الورد" (أيا كان هذا) والتذكير أنهم جيش مسلمين في الدبلجة وكأنه يفتخر بالتناقض القصصي عوض أن يتستر عليه!

الحلقة الأخيرة ليست مهمة
هنا ندخل في السبب الرئيسي لنقمة الجمهور العربي على الزهرة.
إذ أن هناك من يقول "التغييرات مزعجة لكن نمشيها، نتحملها، القصة العامة مفهومة وطالما النهاية واضحة فالتفاصيل ليست مهمة" إلا أن استخفاف الزهرة بكل شيء لا يعرف حدودا وتستكثر على هؤلاء سعادتهم بالحصول على نهاية تشفي الغليل بعد كل ما تابعوه.

من أين أبدأ... خاتمة الماسة الزرقاء كلها محذوفة والنسخة العربية تنتهي بنزول السفينة لكوكب الأرض لا أكثر، ولا توضح مصير الشخصيات (وإن كانت هناك بنت تتزوج رجلا أكبر منها وهذا شيء مشين قليلا إلا أن دبلجات أخرى غيرت الحوار أو طيرت لقطة) ومن تزوج من، ومن عاش، ومن مات...
أما عن هزيم الرعد، فالحلقة الأخيرة تقول أنه "لا أحد يعرف من فاز، لكن من فاز حكم المجرة" بينما النسخة الأصلية توضح بالصوت والصورة أن "راي" قتل "هيوغا"، ثم استمر القتال خمسين سنة أخرى، ثم توحدت المجرة تحت ابن هيوغا. علما أن الحلقة الأخيرة كلها ترقب لما ستسفر عنه تلك المعركة، إلا أن الزهرة لسبب غريب قررت أنها معلومة غير مهمة.

نمر إلى أعمال مشهورة أخرى، مثل القناص نسخة 99. حتى نرجع لتاريخ القصة الأصلية، كانت هناك تغييرات مشينة أجرتها تلك النسخة من الأنمي لعمل تلميحات مش ولا بد عن علاقات الشخصيات (معظمها لم تحذفها الزهرة مع أنها تدعي أنها تحذف ذلك) لكن من بين هذه التغييرات رغبتهم في إنهاء العمل مبكرا عند 62 حلقة بدون اقتباس بقية أرك يوركشين مع نهاية حصرية للأنمي يموت فيها كورابيكا في أحضان ليوريو والدموع تتهاطل... توغاشي رفض قطعا (إذ أن هذا يعني أن فرص اقتباس بقية العمل ستنهى عند ذلك الحد)، وكانت نهاية الأنمي مفاجئة ومبتورة عند الحلقة 60. ثم انتظم فريق الإنتاج لعمل مشروع جديد فيه أعمال موجهة للأشرطة المنزلية (أوفا) أكمل أحداث آرك يوركشين عشرة حلقات حتى الحلقة 70 ثم أضاف آرك جزيرة الطمع في سلسلة أوفا ثانية وثالثة.

عندما حصلت الزهرة على حقوق العمل، يبدو أنها أمنت الحلقات الستين الأولى، ثم في مرحلة ثانية أمنت بقية الحلقات حتى 70، إلا أن البث الأول كان بالحلقات كاملة على أي حال. مع ذلك كله في نهاية الحلقة 60 تأتي الدبلجة بأحداث غريبة تزعم أن كل شيء قد حل وأن العصابة انتهت. لكن في الحلقة 61 التي بعدها فورا تناقض تلك الأحداث وكأنهم لم يقولوا ذلك الكلام.
ما سبب هذا؟ الزهرة قررت أن العمل انتهى، فأرادت أن تصنع له نهاية عربية لأنها تعبت من دبلجته. لكنها غيرت رأيها... فقالت في الحلقة القادمة مباشرة ما يسفه كلامها السابق.

الأمر يتكرر مع أحد أكبر وأشهر أعمال الزهرة (المحقق كونان). سنرجع مرة أخرى لتاريخ العمل الأصلي. أعمال المؤلف كانت تقتبس 52 حلقة ثم تتوقف وتضاف لها نهايات من استنباط مؤلفي الأنمي كي يغلقوا موضوع الاقتباس. وذلك ما حصل مع يايبا. إلا أن المحقق كونان وأفلامه حقق إيرادات عجزت عنها أفلام ديزني نفسها، ولهذا تقرر أن يصير سلسلة أبدية. لم يكن الأمر هكذا من البداية إذ أن طقم الموسم الأول (الرائع على فكرة، على صعيد النسخة الأصلية وحتى الدبلجة نفسها لأنه حسب ما يبدو كانوا يتوقعون منعه من الأساس فلم يشوهوا أحداثه بنفس قدر الأحداث اللاحقة وكان فيه تنوع كبير في الممثلين) توقع أن ينتهي الأمر مبكرا فغير حلقة أخت هايبارا وحلقات لقاء أفراد المنظمة كي تصير أحداثا لا توصله للمنظمة أبدا، مما تطلب إعادة اقتباس بعضها... على أن ينتهي الأمر أن يودع آسفا فريق المتحرين الصغار وتنجح خمرة البايكال في إرجاعه كما كان. بعد نجاح العمل، ولا شك أن للمؤلف وللمنتجين يدا في هذا، غير فريق الانمي خططه قليلا، وواصل اقتباس العمل لكن مع تصعيد كبير في أحداث المنظمة السوداء لإرجاع السيناريو لمساره.

الزهرة مع هذا حاولت أكثر من مرة أن توقف العمل، إذ صار "جين" هو "زعيم المنظمة" وليس الذراع اليمنى في إحدى حلقات الموسم الرابع، وكأن الزهرة فقدت صبرها وملت من إكمال الباقي. علما أن هذا يتناقض مع حواراتهم في نفس الحلقة، ومع احترامهم لبعضهم، وحتى مع أحداث لاحقة. هذا التخبيص طبعا تناسته الزهرة وأكملت وكأنها لم تقل شيئا مع حلقات أخرى عن المنظمة السوداء... بل أن أسماء بعض الشخصيات لم تبق هي نفسها وهذا دليل كاشف على أن استخفاف الزهرة بتناسق الأحداث في نفس الحلقة كبير فكيف تتوقع منها الحفاظ على التناسق عبر أكثر من حلقة؟ وكذلك نفس الشيء مع أسماء الشخصيات المعربة التي تتغير جدا.

تكرار اللقطات
مما يظهر فإن الزهرة تنتج داخليا صوتا كاملا يغطي الحلقة كاملة، ترسله لاحقا لأصحاب الحقوق. هذا يرجع لسبب مهم، وهو أن أصحاب الحقوق كانوا لا يكترثون كيف النتيجة، ويتوقعون أن المدبلجين ينتجون نسخة كاملة من الدبلجة، وينتجون نسخا ثانوية من الدبلجة تحت طلب قنوات تلفزية معينة عادي أن تغير في الأصوات وحتى الصور بل حتى أن تحول حلقة إلى نصف حلقة. إنما وجود الحلقة الكاملة مهم عندهم، ويتوقعون أنها تظهر بطريقة ما (في أشرطة فيديو، أو غير ذلك).

معظم الشركات في العالم كانت تلجأ بصفة عامة لهذا الأسلوب. بل يمكن القول أن الكثير من تلك الشركات الأمريكية للدبلجة التي يقارنها البعض بالزهرة ويقولون "أنظروا لأمانتهم وصدقهم كيف يترجمون الحلقات كاملة" كثيرا ما كانت تنتج لقنوات الأطفال نسخا فيها تقطيع أسخف وأعنف من أي شيء تتخيله الزهرة (مثل تعويض المسدسات بمصاصات، ونعم حتى تلبيس الشخصيات، ومسح النصوص الأجنبية من اللافتات والكتب، وغير ذلك) ويجلبون الممثلين خصيصا لتسجيل سطور مختلفة فيها النص المشوه. الفرق كان أن النسخة الكاملة من الحلقة كانت تتوفر بطريقة ما، لكن في حالة الزهرة فحتى أشرطة الفيديو و VHS وغيرها (هناك أمور مثيرة سنذكرها في بقية المقال) كانت النسخ المقطعة.

النسخ الكاملة من الحلقات كانت لا تخرج من خزائن الزهرة، ولكن الصوت والمونتاج كان يسجل بطريقة تجعل من الصوت العربي مناسبا للصقه فوق فيديو الحلقة الكاملة لأنها تقريبا بنفس الطول. هذا لا يعني أنها تجربة رائعة للمشاهدين، فللحصول على هذا قاموا بتكرير المشاهد وتجميد المشاهد على نفس اللقطة بطرق مستفزة جدا، و"ربحا للوقت" كانت الحوارات في الأثناء مغيرة تماما عن معناها الأصلي وغير منطقية وهذا الخور في المنطق يلاحظه المتابع العربي (وبالتالي، يلاحظ الحجب!) وهذا جزء كبير من سخط المتابعين عليهم، وإن قال المطبلون أن هذا "كله يهون في سبيل الأخلاق" و "هل تفضلون أساليب القنوات الأمريكية في إفساد العقول" لكن هذا لن يغير من حقيقة أن تجربة متابعة العمل مع الزهرة مزرية وأن أسلوب الشركات العربية الأخرى في قطع اللقطات أفضل بكثير إذ أنه على الأقل لا يعذبك في تجربة المشاهدة (الشيء الذي تزدريه الزهرة). 

وصل الأمر لدرجة أن هناك الكثير من المتابعين أخذوا الصوت العربي وألصقوه على الفيديو الياباني وأضافوا تغييراتهم الخفيفة كي يصير الوضع يطاق قليلا للمتابعة. ووصل الأمر لدرجة أن الحلقة صارت غير مفهومة حتى أن الممثلين أنفسهم نسوا ما الأجزاء التي ستحذف أو ستبقى وصاروا يقرؤون النص بالنبرة الباردة الميتة للأجزاء التي يتوقعون أنها ستحذف، لكنها تعرض. طبعا، لم تعد الزهرة تقوم بهذا لأن أصحاب الحقوق اكتشفوا هذه الخدعة، وصاروا يراقبون النص أيضا. لكن هذا لا يمنع أن أصحاب الحقوق يمانعون الحذف عند الضرورة، إنما صار يحصل بعلمهم (كما هو الحال مع "أكاديمية بطلي" ومشاهد تحرش مينيتا التي صارت تحذف بكبرها مثل الدبلجات القديمة لغير الزهرة، وهذا مختلف عن أسلوب الزهرة القديم في تجميد الصورة حتى لو كانت مجمدة على كتف بنت عاري أو كومة من القش مع صوت همس بنت وولد والذي نتساءل هل هو حجب أم تسويق للمشهد) وصارت الزهرة ليست المصدر الوحيد لمتابعة ذلك العمل مترجما في المنطقة العربية.

الأفخاذ
الزهرة كان عندها طموح كبير بخصوص مسألة مكافحة اللباس الخليع في الأعمال الأجنبية. لكن يمكن القول أن الأمر مر على اكثر من مرحلة... ومعظمها طبعا يركز على الشخصيات النسائية.
طبعا لا يستغرب هذا كثيرا لأن هناك أعمالا يابانية تفننت في إثارة الشهوة عن طريق الأفخاذ مثل فكرة "المجال القاتل" التي تتحدث عن ترك فجوة لحم ظاهرة صغيرة بين الجورب والتنورة العالية، وبعض سلافع الصين كن يعملنها شقا جانبيا عاليا في الفستان لتهييج غرائز الرجال. ومنهم حتى من يعمل تصنيفات لطول التنورة، أو يترك في الفجوات ما يلمح إلى أجزاء داخل الفساتين... وهذه أساليب متأثرة بلبس الرقاصات والغانيات وهذا شيء لا خلاف فيه، مما يفسر قليلا قلق الزهرة مع الوضع.

إلا أنه قلق وصل درجات غير صحية.
  • أول التسعينات: تسيب تام، كما هو واضح مع داي الشجاع والماسة الزرقاء. في حالة داي الشجاع كان هناك مشهد لوحش يلحس شخصية وهي تتحرك وتظهر مؤخرتها وما بين سيقانها بالكاد مغطى بلباس داخلي، والزهرة لم تخسر على المشهد إلا وضع دائرة زرقاء بين الساقين.
  • أواخر التسعينات: بدأت المعالجة الإلكترونية لتكبير كادر الصورة أو إضافة صور فوق الصورة توهم أن هناك فستانا فوق الساق أو لباسا يغطي فتحات الصدر. هاجس فريق الإعداد هنا كان تغطية السيقان حتى الركبة فقط، أو تغطية الأثداء. إن كان المشهد خليعا زيادة لا يحاولون إنقاذه، وإن كانت الشخصية عن بعد يعتبرون أنها لم تعد تثير الشهوة بسبب العقبات التكنولوجية لدقة الصورة. الجوارب البيضاء الطويلة النسائية كانت مقبولة. ملابس السباحة النسائية الخليعة غير مقبولة بأي حال إلا للأطفال.
  • لغز المامو: هذه المرحلة تحتاج بابا مخصصا لها بمفردها. الزهرة حاولت أن تدبلج فلما شبه إباحي للأنمي وأتت فيه بالعجائب في فن حجب الصور، لكنها عجائب لن تتكرر وتحتاج مقالا مفردا لها لحالها. (سيأتي بإذن الله!)
  • عقد مطلع الألفية: هذه الحقبة السوداء في فترة الزهرة قرر فيها فريق الإعداد أن يرفع معايير المحرمات لكن أن يرفع الكسل لأقصى الدرجات، فصارت اللقطة تطير لأقل سبب. لا الفساتين، ولا الإبط، ولا الأيادي المكشوفة، ولا الملابس الصيفية، ولا الملابس المهلهلة ولا الأقمصة بالفتحات ولا السراويل فاتحة اللون، ولا حتى الملابس المعروضة. أمور كانت تقبل في السابق مع تغييرات صارت تستبدل الآن بمشاهد ثابتة لجدار أو وجه أو شيء في الديكور مع صوت امرأة، ولا فرق هل المرأة ترتدي فستانا أعلى من الركبة أو ترتدي بيكيني. مثلا شخصية الممرضة في كرتون الضاحكون (الأمريكي) لم تظهر أبدا، وسمع صوتها فقط وهي تتحدث بغنج ونبرة إغراء (ما الفائدة من الحجب مع نبرة الإغراء؟؟ أم أنهم يرفهون بها عن أصحاب الحقوق في نسختهم الحصرية؟). وهذا أحدث لخبطة كبيرة للمشاهدين.
    في المقابل هذا الكسل وصل درجات غريبة تنسف أي ذريعة أن هذا بداعي التحفظ، إذ أن هناك أحد أركات كونان (الإحياء اليائس) فيه مشهدان عناق وتقبيل بقيت اللحظة الرئيسية منهما لأنها ضرورية لفهم الجريمة ولأن فريق الإعداد حذف جميع اللقطات الأخرى المتبقية في المشهد عوض تخفيفها. ولا نملك إلا أن نقول أن الزهرة لو قررت بهذا الأسلوب أن تترجم عملا فلن تتحرج من تسريب لقطات كهذه طالما هي جزء من الثانية. كذلك مشهد لجثة رجل عار في حوض سباحة كانت مقبولة طالما الأجزاء المخصصة للتكاثر وما حولها مظللة بضبابية الماء الأصلية في المشهد، وهذا مثال آخر على كسل فريق الإعداد في هذه الفترة مقارنة بما بعدها.
  • وسط عقد مطلع الألفية (2006؟): صارت الزهرة توافق على الفساتين مرة أخرى، وعاد مكلف المعالجة الإلكترونية من سباته الشتوي (أو استبدلوه) وبدؤوا يلونون السيقان (مثلما كانت تفعل فرق الترجمة على النت التي كانت لا تخالفهم الرأي لكن تخالفهم في الطرق، ويذكر أن هناك شخص مشهور كانت تبحث عنه أمريكا في أفغانستان كان في قصره حواسيب بها حلقات مترجمة من نفس تلك الفرق) وهذا أراح الكثيرين لأن العمل أخيرا له نقطة بداية ونهاية. بقيت مشاهد البحر مكررة لكنهم لاحقا صاروا يلبسون المستحمين ملابس ملونة (ولو أن الألوان غريبة لكن حتى ذوقهم في تصميم الثياب تحسن أيضا لاحقا) ويحتفظون بتلك المشاهد، إلا لو غرضها الإثارة وكانت تطير وقتها.
  • أواخر العقد الثاني (2010): تقريبا صارت معظم اللقطات تمر باختلافات في التلوين وتعتيم على بعض الأماكن في الثياب مثلما هو الحال في الدبلجات الصينية. الأمر يظهر أنه أعجب الفريق الأصلي لأنمي كونان فصار يعطي ران وغيرها جوارب بيضاء وسوداء، لكن كي لا يفقد قسم المعالجة الإلكترونية في الزهرة سبب وجوده صار يلون ملابس البنات الصغيرات أيضا. هذا الأمر أدى لكون الكثير من الأجانب ممن يتذمرون من الملابس الخليعة في "أكاديمية بطلي" يشكرون تصاميم الزهرة ويقولون أنهم "أصلحوا ميدنايت" وأمور مشابهة، وحتى أن النقد تجاههم من الجمهور العربي خفت حدته كثيرا (بعد أمثلة من ديزني التي رفضت "قطع أي لقطة" شاء من شاء وأبى من أبى، حتى لو خالف هذا القانون والأخلاق في الدول العربية، وردة الجمهور العربي المستاءة جدا من هذا). لكن يمكن القول أن هذا التغير من الكره يرجع إلى العودة إلى توازن بين طلبات الجمهور (أن يتابع حلقة كاملة مفهومة) وطلبات الزهرة، وطلبات الرقابة. الشيء المحير الوحيد... أنهم صاروا يغيرون عضلات صدر الرجال (مثل بيتو في أرك النمل في القناص 2011) ولعل هذا يذكرنا بالمثل الذي يقول أن المطرقة ترى كل شيء أمامها مسمارا.
الشيء الملفت مع ذلك أن الحوارات التي تتحدث عن العري لا تتغير. فمثلا في أول ظهور لكايتو كيد في المحقق كونان نعرف أن كونان يخشى أن كيد ترك ران عارية في الزورق. ونعلم أن ميغوري تعرف على زوجته في وقت كانت فساتين بنات المدارس "أطول من الزي الحالي". تعاليق مدح مفاتن الجسد كانت تتغير لمدح الطباع أو الملابس أو الزينة لأنها ماجنة أكثر من الزائد لكن الفكرة لا تبتعد عن الأصل كثيرا.

قصص الحب
الزهرة لا تكترث لو القصة تفسد كلها بسبب حذف قصة حب حتى لو كانت دوافع شخص منذ زمن بعيد، فكرة الحب غير موجودة عندهم حتى بعد الزواج. هذا يؤدي للعديد من الكوارث، 

فمثلا Virtua Fighter الأنمي يبحث فيه أكيرا ليس عن حبيبته، بل عن... "أخته"، وهذه مصيبة. وفي عمل مثل زهرة الجبل، هناك قصة عن أحد أشرار الشخصية يبحث عن بنت لأنها تذكره بأمها التي أحبها، وزوجته تلحقه وتكشف عن القصة، وهو يقول لها ألا تتحدث في شؤونهم الزوجية أمام الناس، ثم تطلق عليه النار، ثم تختار أن تموت بجانبه وسط حريق لأنها تحبه. الدبلجة الأردنية للعمل لم تواجه مشاكل في نقل القصة واستعمال مصطلحات مثل "تريد الحصول عليها" "تذكره بحبه القديم العنيف"، لكن الدبلجة السورية أخذت هذا المشهد وحولته إلى شيء غير مفهوم تقول فيه أنها تزوجته منذ خمس سنوات وأنها تعرف أنه "حصل على نفوذه بسبب أبيها" وأنه "قتل الأم في حادث دهس بالسيارة" (لكن الأم حية في حلقة سابقة!) وتهدده أنها "ستتصرف معه تصرفا آخرا" لا توضحه ولا توضح أسبابه ثم تقول له أنها "تعبت جدا معه"، الغريب أن أصوات إطلاق النار مازالت تسمع في الخلفية.

لكن أحيانا يحتفظون بقصص الحب هذه لو حذفها مستحيل، مثل ران التي أصبحت خطيبة كونان. إنما أحيانا يحذفون كل مقدماتها ويذهبون نحو الخاتمة بالسرعة الصاروخية (مثل عهد الأصدقاء، و لحن الحياة) حيث يتزوجون فجأة.

فكرة التفكك الأسري أيضا غير محمودة عند الزهرة، فمثلا في المحقق كونان والدة ران (إيري كيساكي التي تغير اسمها لأسماء عديدة بسبب تشابهه مع شتائم عربية، وكل مرة تختار لها الزهرة اسما) ليست في الأصل مطلقة من كوغورو موري، بل تعيش منفصلة عنه. إنما في النسخة العربية صارت مطلقة. وهناك حلقة كلها خيانات زوجية لبعض نجوم السينما وجرائم قتل تنتج عن ذلك، استغني عن دبلجتها كليا للعربية. (إلا أنه يذكر أنهم يعيدون الآن نشر نسخة محسنة من الدبلجة ربما تضيف تلك المشاهد والحلقات).

بالمثل، الأمر يذهب إلى درجة منع شبهة الحب، كأن تضع امرأة يدها على كتف أو صدر رجل في عمل مثل ميغالوبوكس بغض النظر عن كونهما غير مهتمين عاطفيا ببعض على الإطلاق، فيحذفون هذا المشهد بدعوى أنها طريقة لمس محرمة. أما عن الأماكن المشهورة ليزورها العشاق، فهي تصير "الأماكن التي يزورها الشبان الطائشون" في المحقق كونان في الحلقة التي شكت فيه أنه يخون أمها مع سيدة بعد أن ذهبت معه بالسيارة وهو سكران ("متعب" حسب النسخة العربية) والتي لم تستطع الدبلجة إنقاذ الموقف كثيرا فيها (أو ربما لم يبذل مجهود في تشويه القصة أبدا مع المواسم الأولى، مما جعل متابعتها بالعربية ممتعة، فهناك قصص حب كثيرة، وواحد يتجول مع ران في الغابة بينما سونوكو وكونان يلومانها على خيانة سينيتشي، وهناك زميلة صف لسينيتشي تقول أنها تحبه وفي الأثناء ران وأبوها ينقمان على سينيتشي، وكل هذا بقي في الدبلجة بدون مشاكل في البداية... فهو معيار متفاوت جدا في تطبيقه)

على صعيد بر الوالدين، فالعقوق كثير والصراخ على الوالدين كثير، لكن لو تجاوز حدا معينا يصير "أخ أكبر" أو "أخت كبرى" (لو كان فيه أمل) أو "زوج أم شرير سرق الميراث وضربني" (لو هناك عداوة صريحة على الشاشة) 

أما على صعيد التعامل مع حالات تعتبر محرمة، مثل هيسوكا في القناص، فهذا عادة يستغنى عنه كليا، مع أن الزهرة كانت أحيانا تنسى بعض التلميحات في الماضي (مثل القناص نسخة 99 و أنمي زهرة الجبل عندما اضطر أحد الشخصيات ليتنكر بنتا) فقد حاولت أن تحذر أكثر  وإن اقتضى الأمر تغير جنس الشخصية واسمها أو تغير الموضوع للصداقة كي تتفادى الوقوع في تلك المواقف، وأحيانا يعيدون رسم المشهد برمته لتفادي التلميحات (مثل أكاديمية بطلي، والمجهود يستحق الاحترام لأنهم في السابق كانوا ليقطعوا القصة بطرق غير مفهومة) إلا أن ظهور منصات البث الأمريكية عمل مشاكل... خاصة أن الزهرة دبلجت فلم أنستازيا واحتفظت بقصة الحب فيه بل وعملت عنها أغاني فيها اختيارات غريبة خاصة السطر "أنت شمس أنت نور فوق نور" لأن صاحب العمل أمريكي. فلا نملك إلا ألا نستغرب شيئا من الزهرة مع الأعمال الأمريكية بالذات.

مهلا، منذ متى كانت الزهرة تنوي دبلجة سيلور مون؟!

تفضلوا، الصور من مساهمة الصديق الرائع DerbyDali.


بعد تكبير الصورة في إحدى تلك البوسترات لأعمال مملوكة للشركة، نلاحظ شخصيتين غريبتين جدا، وطبعا الصورة تتفادى إظهار السيقان.



ولم تكن المرة الوحيدة.


عند التركيز على الصورة أكثر، نلاحظ شخصية مألوفة مرة أخرى، لكن الفستان هذه المرة يغطي الركبة.



نترك لكم تخيل كيف كانت الزهرة لتحاول دبلجة هذا العمل.
كذلك يبدو أن الزهرة حصلت على حقوق Cardcaptor Sakura وظهرت بعض صوره بطرق مشابهة في سلعهم التسويقية (وهذه المعلومة تحتاج لتأكيد أكثر)، إلا أنه أيضا عمل أنمي بعيد جدا عن معايير الأعمال المقبولة في العالم العربي ولم يكن من المستغرب أن يتخلوا عن فكرة دبلجته.




في المقال القادم، سنحكي لكم عن الفلم الذي جنن قسم المعالجة الإلكترونية في الزهرة...
كل الكلام المذكور أعلاه ضرب عرض الحائط.
الفلم رخيص ومبتذل وسامج وقصته تافهة (حتى لو كانت الزهرة لم تحترمها أبدا) لكنه يتحول إلى كوميديا مسلية جدا عندما تتخيل عذاب الشخص المكلف بمعالجته الإلكترونية.

إرسال تعليق

1تعليقات
  1. اشكرك على مقالك الرائع والجميل
    في موضوع ابغاك تتكلم عنه إعادة الدبلجة إعادة دبلجة عمل ناجح بحجة انه مستهدف جيل جديد

    ردحذف
إرسال تعليق

#buttons=(قبول !) #days=(20)

يستخدم الموقع ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك.
Accept !