لم نتوقع أن يأتي اليوم الذي نكتب فيه هذا المقال عن عدنان محمد قاسم، هذا المعرب اليمني الذي بقصة عزيمة وإصرار كبيرين نجح رغم الإمكانيات المحدودة في إنتاج أول تعريب للعبة كونسول نيس، وكانت الكابتن ماجد 2 في 1993 بعد سنة واحدة من نشرتها اليابانية الأصلية في 1992، وبالتزامن مع العرض العربي للأنمي التلفزيوني!
طبعاـ سبق ذلك محاولات محتشمة من صخر MSX مع تعريبات لبومبرمان وأركانويد وحتى نشرات رسمية مع كونامي للنسخ الإنكليزية في أواخر الثمانينات، وتبع ذلك محاولات أخرى في التسعينات من SNK لتعريب Ultimate 11 رسميا، ومحاولات من فيليبس CD-i، وحتى محاولات بعض المطورين في مصر لعمل بورتات غير رسمية من ألعاب مثل King's Valley 2 بعناوين جديدة للأميغا وزعم أنهم مطورو اللعبة.
لكن الشيء اللافت كان أن عدنان وفريقه كانوا يعملون بدون أي مساعدة من فريق التطوير الأصلي، وتمكنوا من النشر للجهاز في أمد عمره التجاري نفسه، بل وأضافوا لاحقا ميزات مثل الدبلجة الصوتية تعجز المحاكيات إلى حد اليوم على دعمها مع ال NES.
هذه المحاولة بحد ذاتها سابقة لعصرها وعرفها أطفال التسعينات، ولا عجب أنها ألهمت الكثيرين لخوض تجربة تعريب الألعاب، وفي بعض الحالات للأسف ألهمت مشاعر غيرة من هذا الإنجاز. إلا أن المفاجأة الحقيقية كانت أن مسيرة عدنان على عكس ما يشاع لم تتوقف عند الكابتن ماجد 2، بل استمرت بأفكار مجددة حتى سنة 2019 ولم تأخذ حظها من الرواج.
كتبنا مقالا سابقا عن هذا التاريخ الرائع، ونحن سعداء جدا أننا كتبناه، لأن هناك من قرأه وتواصل معنا بسببه كان من الأطراف الرئيسية من القصة الحقيقية لإنجاز تعريب Captain Tsubasa 2 الذي أبهر أطفال التسعينات. وطبعا لا يمكن أن ينطبق هذا الوصف إلا على الدكتور عدنان محمد قاسم! يسعدنا بعد التثبت أن نؤكد أنه فعلا المعرب المقصود، وهو حاليا في اليمن يهنئ بتقاعده بعد مسيرة تستحق الفخر بها، ونفخر أن مقالنا كان سببا في التعريف بعمله وفي انتشار قصته.
عن الحوار
انقضت أكثر من سنة على التواصل الأول بيننا وبين ابن الدكتور عدنان محمد قاسم، وقد سر كثيرا بما قرأه بعد البحث عن اسم اللعبة - ويسعدنا أن تكون صفحتنا سببا في التعريف بذكر إنجازه - وأخبرنا أن الدكتور سر بما قرأه. في الأثناء، كنا قد أجرينا من جانبنا أبحاثا كثيرة لم ننشرها وتحصلنا على الأجهزة (بعد بعض المواقف الغريبة مثل مجيء معرب ألعاب مستجد يريد شراءه بسعر زائد حتى لا نحصل عليه، مع أنه متوفر) وتأكدنا من محتوياتها وعرفنا ما الذي نُشر وما الذي لم يُنشر، وكنا نعد لنشر هذا المقال تتمة للمقال السابق، لكن هذا الحديث جعلنا نتوقف قليلا ونتأكد من صحة المعلومات.
كما وجدنا إثباتات عن وجود أجهزة أخرى تعليمية صنعها عدنان وكان نشطا في تسويقها في العقد الأخير 2010-2019 تثبت وبدون شك بطلان المزاعم المنتشرة سابقا أنه "معتزل منذ 2007 ولا أثر له" أو أنه "عدنان حيضان الدكتور العراقي في اللسانيات في لندن". هذه المزاعم، علاوة على بعض التصرفات الغريبة في نفس الفترة مثل حديث عن "صنع جهاز تعليمي" في نفس الفترة (حديث لم يتمخض عن شيء) لكن مع التركيز على معايير هاردوير معينة اتضح أنها تنافس جهاز عدنان، وبعض المقابلات الصحفية التي تقدم نسخة عدنان باسم شخص آخر، تثبت أن التعتيم كان مقصودا للسطو على هذا الإنجاز، ولا عجب لمن يتتبع أحوال ساحة تعريب الألعاب من عادة وضع البعض أسماءهم على تعريبات غيرهم أن المقصود كان تغييب إنجاز عدنان وأخذ ثماره وحذف أصحابه. كل هذه المعلومات طبعا سألنا عنها عدنان وابنه وراجعنا رأيهم فيها. ويسعدنا أخيرا أن ننقل النتائج وننشرها لكم أخيرا.
الحوار الأول
نبدأ بسم الله هذا الحوار الرائع، الذي دار قبل سنة من الآن. بدأ كل شيء بهذه الرسالة، وبعض التعاليق التي أكدت لنا أننا نحكي مع الدكتور عدنان محمد قاسم السوائي، يمني الجنسية، الذي عاش خمسين سنة في المملكة العربية السعودية وغادرها وانتهت مصالحه التجارية فيها لكنه لا يزال، إلى يومنا هذا، يقول عبارات تقدير وامتنان صادقة لذلك البلد ولذلك الشعب. كان واضحا حتى قبل بداية هذا الحوار أننا على موعد مع لقاء استثنائي، وأكدت ذلك انطباعاتنا اللاحقة.
بعض الملاحظات العابرة: حاولنا نقل الحوارات بأمانة.
ماجد/
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أودّ أن أتقدم إليكم بخالص الشكر والتقدير على المقال الرائع الذي نشرتموه حول تعريب لعبة أو مسلسل "كابتن ماجد". لقد قرأتُ المقال باهتمام كبير، وأُثني على دقته وموضوعيته في نقل قصة تعريب لعبة كابتن ماجد .
أودّ أن أوضح بعض النقاط المهمة التي وردت في المقال:
- المعرب الأصلي لكابتن ماجد هو والدي، عدنان محمد قاسم. لم يكن هدفه من وراء التعريب الربح المادي، حيث أنه لم يتقاض أجرا كبيرا رغم ما حققته اللعبة من انتشار واسع. كان فقط الشغف و الرغبة ما تجلى هنا في إسعاد المجتمع العربي، بل كان يسعى لنشر السعادة في بيوت العرب من خلال ترجمة هذه اللعبة التي أحبها الأطفال في جميع أنحاء العالم.
- أوضح لك أن فكرة التعريب لم تكن من قبل المطورين في تايوان، بل كانت فكرة والدي. لقد جاءت فكرة التعريب لكي تتناسب مع ثقافة وجيل تلك الفترة الزمنية، كان الوالد شغوفا جدا بالتعريب.
لم يكن تعريب كابتن ماجد مهمة سهلة. واجه والدي العديد من التحديات خلال عملية التعريب، ولكنه أصر على الفكرة حيث أنها كانت تواجه العديد من العقبات كون أن اللعبة ليست باللغة الإنجليزية بل كانت يابانية اللغة.
يشعر والدي بالفخر الكبير بما حققه من خلال تعريب كابتن ماجد. ويُقدّر لكم اهتمامكم بنشر قصته، ويعتزم في المستقبل القريب نشر سرد مفصل عن تجربته في تعريب اللعبة حيث الوالد كان له مشاركات في تعريب الالعاب كثيره حيث ساهم في إنتاج قواميس لغة عربية والحديث الشريف.
أخيرًا، أشكركم مجدداً على اهتمامكم بنشر قصة تعريب كابتن ماجد، وأتمنى لكم المزيد من التوفيق والنجاح.
نعم، العجيب أن الدكتور عدنان محمد قاسم أسمى ابنه ماجد، استبشارا بهذا العمل وبهذا المجد الذي كان يبنيه في تلك الفترة. لم نحتج لتأكيد لنقطة أن هذا التعريب كان ثمرة حب، لكن ما كان ليأتينا تأكيد أكثر من هذا.
المصادفة عجيبة لدرجة حملتنا على التأكد وسط كل القصص المتضاربة التي سمعناها، ووسط كل أنصاف الحقائق التي تنشر، وتأكدنا (لأسباب أخرى لن نوضحها في هذا المقال احتراما لمصادرنا) أننا نحكي مع الشخص المناسب.
شكرت ابن الدكتور جدا على رده، وأوضحت له منهج عملنا.
المعلومات السابقة المتوفرة
- المصادر السابقة عن قصة ماجد كانت أطرافا تزعم أنها تريد استخراج الروم من بطاقة النيس حتى يلعبها الجميع (في النهاية قام بهذا معدل روسي له حصول على تلك البطاقات بطرق شتى)، وحسبها فإن عدنان غادر النشاط بلا رجعة في 2007 وانقطعت أخباره وعمل معها حوارا لم يؤكد إلا اسمه (الذي رجعوا لاحقا وشككوا فيه).
- في نفس الوقت، هذه المصادر تزعم أنها تعرب الألعاب أيضا، وتنشر في نفس الوقت نسخة مشوهة من عمل عدنان مسح منها اسمه واستبدل باسم تارة يقولون أنه لفريق وتارة يقولون أنه لشخص. بعد ذلك يتم التعويم بترجمات سريعة لنفس اللعبة، ومحاولة نسبة أعمال تعريب أخرى للكابتن ماجد 2 في منتديات أخرى إلى نفس "الفريق" الذي اسمه مثل اسم "الشخص". نتج عن هذا أن هناك بعض صناع المحتوى كانوا يقولون جملا مثل "لعبة الطفولة التي لعبها الجميع وعربها... هذا الفريق" بدل "عدنان" مع إعجاب هذه المصادر باستمرار هذا اللغط.
- بالتوازي مع هذا، اكتشفنا على انفراد أن هناك معربين آخرين للألعاب غير عدنان تمسح أسماؤهم ويعتم على تاريخهم بنفس الطريقة. واكتشفنا أيضا أن عدنان نشط في فترة 2010 (المزيد من التفاصيل عن هذا قادم). واكتشفنا أيضا أن الملاحظة التي تتحدث عن عدنان في مقالة الويكيبيديا للكابتن ماجد مسحت واستبدلت بأسماء أخرى. مما يطرح نقاط استفهام كبرى في كل شيء قيل عن عدنان وعن تاريخ تعريب الكابتن ماجد 2.
- المعلومة الوحيدة التي صرنا نثق بها وسط تلك الشائعات والأكاذيب صارت فقط الأجهزة التي نحصل عليها ونحصي وجودها، وبيانات الروم النظيف المستخرج من مصادر موثوق بها، وإحداها احتوت اسم عدنان محمد قاسم و "العربية السعودية". بقيت معلومة أنه "يمني" محلا للشك، لكن تأكدنا منها من مصادر أخرى.
أبلغنا ابن الدكتور شكره الجزيل على حرصنا على "سرد التفاصيل الحقيقية بشكل رائع جدا وتفصيلي" وأرسل لنا أطيب التحايا والتقدير. وأبدى استعداده للحديث معنا "بالتفصيل الممل حول مشروع كابتن ماجد وأبرز المشاريع التي قدمها كيف وبدأ وكيف انتهى و أبرز التحديات التي واجهته"، على أن يكون الحديث منقولا من الدكتور كونه صاحب التجربة الحقيقية.
وكان له تعليق على مسألة اسم "عدنان" الذي كتبه في التعريبات والأعمال التي نشرها، سواء في البيانات المكشوفة أو المخفية وسط اللعبة.
ماجد/ الوالد عندما عمل كابتن ماجد، كتب اسم عدنان ليقطع الطريق على كل شخص حاول نسب الفكرة له.
لم يكن والدي يبحث عن أضواء الشهره للأمانة، كان فكره كيف يعمل شيئا يناسب الطفل العربي،
حيث أنه كان يقول دائما الطفل العربي يستحق أن يستمتع بالألعاب،
فكان هو صاحب الفكرة الرئيسية في كابتن ماجد وليس الفريق التايواني.
حتى أن الوالد أخذ أجرا ضئيلا من كابتن ماجد والفريق التايواني كان له النصيب الأكثر.
عموما الماده لم تشكل للوالد الهدف الرئيسي، حيث أن فكره كان يتركز في إسعاد الطفل العربي.
الماديات تذهب والذكريات تبقى دائما، وأتمنى أن يكون والدي أسعد ذاك الوقت على الأطفال.
عرفنا من ابن الدكتور معلومة مثيرة وهي أن عدنان أخفى أسماء أفراد أسرته مثل أخيه وأبنائه وأبناء إخوته وبناته في اللعبة، ومن بين هذه الأسماء (بدون الدخول في التفاصيل) بسام، ناجي، محمد، ماجد، علاء، عمار، عادل، وحتى شخصية نجاة. وهذا يفسر سبب اختلافات التسميات بينها وبين الأنمي الأصلي الياباني أو المدبلج (وحتى الدبلجة تتضارب تسمياتها بين الجزء والآخر).قبل أن يعتب أحد على أمانة النقل، نذكر أن حيز المساحة المتوفرة للنصوص على الشاشة محدود ولا يسمح بأسماء تتجاوز 5 أحرف إلا بإعادة برمجة أعمق للعبة توسع النص وتحول التسميات إلى مكان آخر، وهذا لم يحصل إلا في مشروع ترجمة انكليزية لنفس هذه اللعبة نشر مؤخرا في 2022 (واجتذب، بدوره، بعض مشاكل الساحة العربية لتعريبات الهواة.)
ثم دار حوار ثان لاحقا بيننا وبين الدكتور عدنان مباشرة، بعد أن أنهى نشر ملخص عن مسيرته، يمكنكم مطالعته هنا للحصول على سرد القصة من صاحبها مباشرة. أما نحن فسنكتفي بنقل مقتطفات من هذا السرد، مررناها على الدكتور عدنان للموافقة عليها.
حيدر / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور عدنان / وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته عزيزي حيدر.
شكرًا لك لأنك والشباب الطيب الذين معك حفظتم هذه الذكرى حية. شكرًا لأنكم تتذكرون شغفنا الذي دفعنا للعمل في تلك الظروف الصعبة. دعمكم وحبكم هو الوقود الحقيقي الذي يجعلنا نؤمن بأن كل جهد مبذول في سبيل ما نحب لا يضيع أبداً. أنتم لستم مجرد "معجبين"، بل أنتم شركاء في هذه الرحلة، وأصحاب الفضل في استمرار هذه القصة.
عزيزي حيدر، نصيحة أبوية.
المعرفة في متناول أيديكم، [أنتم] الجيل الطيب: اليوم، المعرفة متاحة بكميات هائلة. استغلوا الإنترنت لتعلم كل ما يثير اهتمامكم.
الأدوات متوفرة: الأدوات البرمجية والتصميمية التي لم تكن متوفرة بل لم تكن متخيلة ومتوقعة في ذلك الزمن، أصبحت أسهل وأكثر قوة من أي وقت مضى.
أشكرك استاذ حسن ، خلتني أتذكر تلك الفترة الجميلة وكأنني اعيشها عذبها وعذابها، رغم قسوة بيئة العمل. وتقبل تحياتي.
حيدر / شكرا جزيلا على حديثك معنا، نود أن نطلعك على بعض أسئلتنا.
عدنان / شكرا لك استاذ حيدر على هذا السرد الجميل، ورغم إني ما كان لي علم بهذه المداولات إلا ولدي كان يحدثني بعض تلك المشاركات .
من التحديات الصعبة التي واجهتنا تلك الفترة الحروف العربية، حيث كان يتطلب الأمر أن تكون الحروف العربية رسوم graphics ، وثم إدخالها إلى ملف الـ ROM الخاص باللعبة عن طريق استبدال بيانات الخطوط اليابانية الأصلية برسومات الحروف العربية. كانت عملية شاقة تتطلب خبرة فنية كبيرة في التعامل المباشر مع البيانات الثنائية للعبة، وتصميم يدوي للحروف، ومحاولات لتكييف نظام العرض من اليسار لليمين مع متطلبات اللغة العربية.
في ظل شح الموارد البرمجية وصعوبة تطويع الأجهزة للبرمجة العربية، وجدت نفسي العربي الوحيد ضمن فريق من الزملاء الصينيين المبرمجين والمصممين. كان الحمل ثقيلًا بالنسبة لي ، رغم ذلك، أعددنا سلسلة من البرامج التعليمية البدائية التي أثبتت جدارتها في تلك الحقبة.
ثم كانت مرحلة اول جهاز الكتروني للقرآن الكريم والأحاديث ، قواميس ثنائي اللغة ، ساعة مواقيت الصلاة.
فعلا، سبق أن أرسل لنا ابن الدكتور عدنان أمثلة على هذه الأجهزة، وسبق أن حصلنا على عينات صور منها. لكن سنبدأ عن حديثنا عن عملية التعديل. نبدأ بتقديم ماجد (ابن الدكتور عدنان) لبعض مصاعب العملية كما كان يحكيها والده في مجالس أسرته بكل فخر واعتزاز:
ماجد / يحكي لي الوالد بعض تجاربه عن كابتن ماجد، وأنه عانى كثيرا في كابتن ماجد [الجزء الثاني] حيث أنه كان عليه أن لا يتجاوز عددا معينا من الأحرف او البايت. واعذرني لو أخطأت لاني لست مختصا! فكانت التجربة صعبة، ولذلك كانت هناك أخطاء، لكنهم [رامار وعدنان] أصروا على التجربة. بعضهم [نقاد خارجيون] ينتقد هذه النقاط، علما بأن الأمر لم يكن يسيرا في ذاك الزمن حيث أن التعقيد في البرمجة او الشفرة [يقصد ترميز النصوص] لم يكن سهلا، ومع ذلك أنجز الوالد الرحلة في ٤٠ يوم عمل.
التفاصيل التي سمعناها من ابن الدكتور بحد ذاتها أبهرتنا. لذلك طرحنا عليه بعض الأسئلة الإضافية، وقد تكرم مشكورا بالرد عليها. نعيد صياغة ردوده، ونقدمها لاحقا بشكلها الأصلي (الذي جاءنا محررا، وتطلب منا أن نتثبت معه من التفاصيل).
عن هذا الشكل الأصلي المحرر من الردود، نترك الكلمة لابن الدكتور، من حوارنا معه في 28 يونيو 2024:
ماجد / قبل فترة لا تتجاوز السنة اقترحت على والدي عمل كتاب ملخص عن تجربته في كابتن ماجد، وأنت للأمانة حفزت الفكرة. لا أستطيع شكرك [كفاية] من اليوم إلى سنة مقبلة، بارك الله فيك يا أستاذ أنت وغيرك.
الدكتور عدنان محمد قاسم نشط جدا في رفع الكتب على النت، ويعد هذا جزءا من النشاط التوعوي الذي اتخذه مهمة خاصة يبني بها وعي الشعوب العربية بما يتهددها من مخاطر فكرية وصحية وسياسية. (من باب المراعاة للخصوصية، لن ننشر المزيد من التفاصيل)
ويبدو أن حتى النية من تعريب الكابتن ماجد 2 كانت جزءا من هذا.
هذا الكتاب القصير الذي كتبه عدنان عن تجربته تجدونه أخيرا مرفوعا على هذا الرابط، ونوفر له إعادة رفع.
سننقل الجزء القادم من صدق إخلاص أهدافه لإفادة كل من حوله نقلا لأقواله بدون تصرف. بمجرد أن جاء الحديث عن بلاد الدكتور عدنان محمد قاسم وعن مسيرته المهنية، ورغم مرور السنين وبعد المكان والزمان وتغير الماديات، إلا أن إجابته لم تتغير:
ماجد / دعني للأمانة أثني على السعودية خيرا، فهي كانت المحرك الرئيسي والملهم والمعلم لنا ثم جميع البلاد العربية، عمل والدي لدى مؤسسة باصفار في التسعينات [على الأقل منذ 1993] عمل والدي في مكتبها في جدة ثم مطلع ٢٠٠٤ خرج منها وعمل لدى مؤسسة الصقر في جدة ثم غادرها في ٢٠١٥، ثم انتقل الى اليمن في أكتوبر عام ٢٠١٩ واستقر فيها إلى اللحظة هذه ، فكان السوق السعودي والشعب السعودي والشعوب العربية هي مصدر الإلهام الأبدي للوالد.
كانت هناك مصادر غير موثوقة تتحدث عن باصفار وتزعم أن الدكتور غادرها في 2007.
من أبحاثنا الشخصية، لاحظنا أن لعبة الكابتن ماجد 2 بتعريب عدنان تحتوي فعلا عبارة باصفار بحروف إنكليزية على نحو غامض. كما أن هناك أشلاء من نصوص لعبة التنين مخفية وسط بيانات اللعبة كانت تحتوي شيئا يشبه نصا عربيا للمقدمة فيه اسم عدنان الكامل (ولقب "الدكتور" للعلم جزء من تقديم الدكتور عدنان لنفسه لنا، وليس مجرد دكتوراه شرفية منا إطراء منا على مجهوداته) وما يشبه عنوان شركة في السعودية. إذن يرجح أنها تتطابق مع هذا السرد.
ماجد / نقطه احب اضيفها شركة كهرباء صلاح التي يظهر اسمها في بعض الألعاب و مؤسسة باصفار كلاهما عمل لديهم الوالد، بدأ مع مؤسسة باصفار ثم انتقل الى كهرباء صلاح (الصقر).
تضاف "كهرباء صلاح" إلى تلميحات الشركات التي يمكنكم البحث عنها.
ماجد / حقيقة الوالد يحب كل البلاد العربية وكان ينوي دايما تقديم مشاريع تخدم المجتمعات العربية والإسلامية من الشرق إلى الغرب، لكن للسعودية الأثر الكبير لي شخصيا و لوالدي في تربيتنا و اكرمنا [مكارمنا/كرمنا؟] والسوق السعودي كان ملهم للوالد بالأفكار وكيف يخدم المجتمع السعودي والعربي والإسلامي بشكل عام فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، شكرا للملكة العربية السعودية وشكرا لجميع البلاد العربية التي ساعدتنا في كابتن ماجد وكان والدي مصدر سعادة لهم
شركة باصفار هذه يبدو أنها الموزع السعودي لتجهيزات إلكترونية عديدة كانت تصنعها شركة تايوانية تدعى RAMAR (رامار)، وكانت تنتج ألعابا مقلدة لأسواق في الصين والشرق الأوسط وحتى... إيطاليا (نعم!) التي أنتجت بعض الألعاب خصيصا لأجلها.
إليكم تقديم شركة رامار لنفسها، وهي نشطة إلى يومنا هذا:
شركة رامار الدولية المحدودة (Ramar International Co., Ltd)
الموقع: شنتشن، غوانغدونغ، الصين
عدد الموظفين: من ١٠١ إلى ٢٠٠ موظف
الإيرادات السنوية: من مليون دولار أمريكي إلى ٢.٥ مليون دولار أمريكي
المنتجات الرئيسية: منتجات الملاحة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)؛ المنتجات الإلكترونية الإسلامية
الأسواق الرئيسية: أوروبا، الشرق الأوسط (التسعينات)
شركة رامار الدولية المحدودة. تأسست عام ١٩٩٣، متخصصة في الإلكترونيات عالية التقنية، وتصنع بشكل رئيسي في مشاريع تصنيع المعدات الأصلية (OEM) أو التصميم الأصلي (ODM). تشمل منتجاتنا الرئيسية نوعين: منتجات الملاحة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للسيارات، وجهاز المساعد الرقمي الشخصي (PDA)، ونظام تحديد المواقع المحمول (GPS) ونظام إدارة مركبات السيارات. والمنتجات الإلكترونية الإسلامية، مثل قاموس الجيب، والقرآن الكريم، وساعة الأذان، وغيرها. تُباع منتجاتنا عالية الجودة بشكل جيد في جميع أنحاء العالم. بفضل فرق البحث والتطوير القوية للبرمجيات والأجهزة وفرق التسويق في كل من الصين وتايوان، نتمتع بخبرة في ابتكار المنتجات الجديدة والتسويق العالمي. قبل ست سنوات، بدأنا في تطوير منتجات الملاحة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والآن تُباع منتجات الملاحة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بشكل جيد للغاية في دول أمريكا وغرب أوروبا. لقد بنينا قاعدة التصنيع الخاصة بنا في الصين لأكثر من ١٠ سنوات لنقدم لعملائنا أسعارًا أكثر جاذبية. نحتفظ بأكثر خرائط الشوارع الرقمية تفصيلاً للعديد من البلدان، وما زلنا نتوسع. في المستقبل، سنطور المزيد من أنظمة الملاحة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للسيارات، وأنظمة الملاحة بنظام المساعد الرقمي الشخصي (PDA)، ومنتجات الوسائط المتعددة للسيارات لتلبية متطلبات السوق.
كانت تراودنا أسئلة عن مشروع تعريب الكابتن ماجد 2، وسنحت لنا الفرصة أن نرسل للدكتور عدنان الأسئلة مباشرة:
س/ متى خضتم غمار هذه المغامرة وبدأ مشروع تعريب الكابتن ماجد 2؟
ج/ في زمن كان فيه المستحيل حقيقة ثابتة، لم نر نحن سوى فرصة عظيمة تنتظر إرادتنا وشغفنا. هكذا ولدت كابتن ماجد العربية. فليكن شغفكم هو مفتاحكم لتحقيق كل ما يراه الآخرون مستحيلا.
اسمحوا لي أن أروي لكم قصة ولدت من شغف عميق في زمن لم تكن فيه التقنية قد بلغت ما ترونه اليوم. قد لا تسعفنا الذاكرة بجميع التفاصيل الدقيقة، فقد مضت أكثر من ثلاثة عقود على تلك المغامرة، لكنني سأشارككم بما أستحضره منها. بكل صدق أعتذر بشدة إن نسيت أو أخطأت في بعض وقائع تلك الحقبة.
لم تكن هناك أدوات جاهزة لتعريب الألعاب، ولم يكن ويندوز قد انتشر بعد. بالتحديد ما بين 1993-1994ـ كنت الشاب العربي الوحيد في قريق عمل بشركة رامار التايوانية.
لم يكن الأمر مجرد استبدال نصوص، بل كان يتطلب إعادة رسم كل حرف عربي في صورة صغيرة.
س/ ما الأدوات التي سمحت لفريق رامار بنقل البيانات الثنائية وقتها؟
هل كنتم تستخدمون برامج تحرير البيانات الست عشرية (هيكس إديتور) أم كنتم تلجؤون لتجهيزات خاصة لتحليل البيانات الثنائية؟
ج/ كنا نعدل كل شيء بالحواسيب على أنظمة MS-DOS. كنا نعدل مباشرة من الحواسيب على ملفات الروم ROM المستخرجة ونبحث عن الأنماط المتكررة التي تشير إلى النصوص والرسوم. وكان الأمر أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش عملاقة.
احتجنا أيضا أجهزة استخراج الروم وأجهزة برمجة EPROM لحرق بيانات الشرائح للخرطوشة، وأيضا عندما بدأنا مرحلة دمج الألعاب المعربة مباشرة في لوحات أجهزة الفاميكوم (العائلة) [من فاميلي كومبيوتر، الاسم الياباني للجهاز الرسمي من NES] بدلا من بيعها خراطيشا منفصلة. فأصبح الجهاز نفسه يأتي محملا بلعبة كابتن ماجد المعربة.
كل تغيير جوهري كان يقتضي منا حرق الروم المعدل على شريحة جديدة وكانت عملية مكلفة، ومع تقدم الوقت صرنا نعتمد أكثر على المحاكيات.
هنا، يحكي الدكتور عن جهاز Talkman الذي نشرته رامار، وظهر أيضا بتسمية 12-bit التي يقصد بها جودة الصوت المحسنة للجهاز. كان هذا الجهاز يجلب الصوت خارجيا، ونشرت له نسخ محسنة من الكابتن ماجد 2 (تحت اسم "الكابتن بسام" لسبب ما) لكن أيضا لعبة فرسان البروج و التنين، وهي لعب أصلية من تطوير رامار.
س/ ما التحديات التي واجهتكم في الترجمة العربية؟
ج/ نعم، واجهتنا تحديات هائلة أدت للتضحية من جمالية النص العربي. لم تكن نصوصا بل كانت تعامل مثل الرسوم والبلاطات المنفصلة. يعني هذا أننا صممنا كل حرف عربي بأشكاله المختلفة أول الكلمة ووسطها وآخرها ومنفصلا، داخل مربع صغير جدا، عادة كانت أبعاده 8×8 بكسل. كان علينا أولا جعله خطا عربيا متصلا ثم مقبولا ومقروءا.
بعد تصميم الحروف العربية كنا نستبدل بيانات البكسل الخاصة بالحروف اليابانية الأصلية في ملف الروم لنضعها.
اتجاه عرض النص كان العقبة الكبرى الأخرى. اللغة مبرمجة للعرض من اليسار لليمين، فاضطررنا لإدخال النص بترتيب عكسي لتظهر الكلمة صحيحة عند قراءتها من اليمين لليسار، وهذا جعل عملية الإدخال مرهقة جدا وعرضة للأخطاء، وأثر أحيانا على سلاسة الجمل. وكانت بعض المربعات النصية في اللعبة [أسماء الشخصيات مثلا] محدودة المساحة، وكثيرا ما كان النص العربي أطول من نظيره الياباني، وهذا أجبرنا على الاختصار الشديد في بعض الجمل أو تقسيمها بطرق غير مثالية.
س/ كيف حصلتم على النص الياباني من ملفات اللعبة؟
ج/ النص كان جزءا من البيانات المستخرجة، وكان يظهر سلسلة من الأرقام الست عشرية. كنا نستخدم خبرتنا في فك الشفرة [ترميز النص] لتحويل هذه الأرقام إلى الحروف اليابانية الأصلية.
س/ هل كنت ملما باليابانية؟
ج/ في الحقيقة لم أكن ملما باللغة اليابانية. كانت هذه واحدة من أكبر التحديات! اعتمدنا على مترجمين متخصصين في اللغة خارج الفريق كانوا يترجمون لنا النصوص المستخرجة. كانت العملية تتطلب الكثير من التواصل لضمان فهم سياق الحوارات في اللعبة.
س/ انتهى المطاف بلعبة كابتن تسوباسا 2 على أنها اللعبة اليابانية الوحيدة التي أخذها عدنان مع فريق رامار وحولوها للعربية. أما أعمالكم الأخرى (مثل "التنين" و "فرسان البروج") فكانت ألعابا جديدة من تطوير مطورين صينيين كانت رامار على تواصل معهم (من طواقم Sashen في حالة التنين، و Hummer Team لفرسان البروج). ولعل ذلك ترك لكم هامش تصرف أفضل في سلامة ظهور اللغة العربية. لكن هل كانت هناك ألعاب يابانية أخرى غير كابتن تسوباسا 2 فكرتم بتعديلها لتناسب العربية؟
ج/
نعم،Super Striker : Captain Tsubasa II كانت بالفعل اللعبة اليابانية الوحيدة الكبرى التي ركزنا عليها في التعريب الكامل بهذا الشكل. السبب هو شعبيتها الجارفة في العالم العربي بفضل الأنمي. بالنسبة للألعاب الأخرى التي ذكرتها مثل"التنين" (بروس لي) أو "فرسان البروج" (سانت سيا)، لم تكن كلها ألعاب يابانية أصلية قمنا بتعريبها بنفس طريقة كابتن ماجد. بعضها كان بالفعل من تطوير شركات صينية (أو فلنقل تايوانية تحديداً مثل Ramar ) وكانت هذه الشركات تقوم بإنتاج ألعاب خاصة بها مستوحاة من الأنمي الشهير (لكنها ليست ألعابًا يابانية رسمية). في هذه الحالات، كان لدينا هامش تصرف أكبر بكثير لأننا نتعامل مع الكود المصدري لهذه الألعاب أو على الأقل هيكلها كان معروفاً لنا بحكم العلاقة معRamar، مما سمح لنا بتضمين العربية بشكل أفضل وأكثر سلاسة من البداية. لم نفكر بشكل جدي بتعريب ألعاب يابانية رسمية أخرى بتلك الطريقة المرهقة بعد كابتن ماجد 2، لأن الجهد كان هائلا ولم يكن المردود التجاري يبرر هذا الجهد الكبيرإلا للألعاب ذات الشعبية الاستثنائية.
شاركنا ماجد، ابن الدكتور، فيديوهات من التعليق الصوتي. وأكد لنا أن أباه كان صاحب التعليق الصوتي في أمثلة كثيرة مثل "تعال قاتلني إذا تقدر" في لعبة التنين، والراوي الذي يقدم الشخصيات في "فرسان البروج"، بنسخها للفاميكوم الناطق (الذي أسموه 3 في 1 على عدد ألعابه المدمجة في ذاكرته الداخلية، أو 12-بت على اسم ترميز الصوت الأعلى جودة بقليل الذي يوفره الجهاز)
س/ صدور التعريب في
أقل من سنة من النشرة اليابانية على يد عدنان وشركة رامار التايوانية كان إنجازا
مذهلا... حتى المطور الأصلي Tecmo عجز عن نشر سلسلته خارج اليابان (عدا الجزء الأول، وجزء ملغي للميغادرايف في 1992) هل أن هذا النجاح جلب اهتمام المطور الياباني لرامار وهل حصلت تشكيات أو
تحركات قانونية تستهدفها نظرا لأنها لا تمتلكالحقوق؟ أم أنهم تجاهلوا الأمر؟
ج/ على حد علمي لم يحصل اهتمام. كانت الشركات اليابانية تركز في تلك الفترة على أسواقها اليابانية وأمريكا وأوروبا، أما سوق الشرق الأوسط فكان يعتبر "صغيرا" ولم يكن يستدعي هذا التعريب اهتمامهم. والقوانين لم تكن بنفس القوة والتطبيق في تلك الفترة.
س/ انمي فرسان البروج لم يبث أبدا في الوطن العربي، لكن النسخة العربية من اللعبة... ما السر الذي جعل الاختيار يقع بالذات على فرسان البروج للسوق العربي بالذات؟ هل كان اختيارا من رامار أم مغامرة من عدنان؟
ج/
صحيح، أنمي فرسان البروج Saint Seiya لم يدبلج في الوطن العربي كما هو الحال مع كابتن ماجد أو التنين [خلط بينه ودراغون بول في رد سابق]. ومع ذلك، اللعبة التي نتحدث عنها لم تكن تعريباً للعبة يابانية رسمية لفرسان البروج، بل كانت لعبة مطورة من قبل Ramar نفسها أو شركات تايوانية أخرى كانت تتعامل معها. هذه الشركات كانت تستغل شعبية الأنميات الشهيرة، حتى لو لم تكن اللعبة رسمية، لإنتاج ألعابها الخاصة.
السر وراء الاختيار للسوق العربي أنها كانت مغامرة مشتركة، لكن أساسها جاء من رامار نفسها. رامار كانت تعمل كمنتج وموزع للألعاب في تايوان، وكانت لديها شبكات توزيع في أسواق مختلفة، بما في ذلك إيطاليا (حيث كان أنمي فرسان البروج شائعًا) وبعض دول الشرق الأوسط. ربما رأت Ramar أن هناك إمكانية تسويقية للعبة مستوحاة من "فرسان البروج" في السوق العربي، حتى لو لم يبُث الأنمي، ربما بسبب معرفة الجمهور به من خلال المجلات أو الأشرطة المستوردة. دوري [عدنان] كان "تعريب" ما تقدمه رامار من ألعابها بما في ذلك التعديلات الثقافية مثل حذف المواضيع التي تخالف ديننا وعقيدتنا أو تغيير الأسماء لتناسب الذوق العربي.
س/ في البداية عملتم على نسخة من تعريب الكابتن ماجد 2 للبطاقات العادية، لكنكم قررتم إعادة نشرها بنسخة صوتية بأصوات عربية، وهذا شيء نادرا ما رآه حتى جمهور الجهاز الرسمي في أمريكا واليابان. ما الذي حفزكم على هذه الخطوة؟ ما الصعوبات التي مررتم بها لعمل تلك النسخ؟
ج/ التحفيز كان نابعاً من الرغبة في الابتكار وتقديم تجربة فريدة وغير مسبوقة للجمهور العربي. لميكن هناك أي لعبة سابقة على الفاميكوم )رسمية أو غير رسمية( تحتوي على أصوات عربية. رأينا فيها فرصة لإضافة قيمة هائلة للعبة كابتن ماجد، خاصة وأن الأنمي كان يعتمد بشكل كبير على المؤثرات الصوتية والتعليقات. أردنا أن نجعل اللعبة "حقيقية" أكثر بالنسبة للطفل العربي. كان طموحنا أن نقدم شيئاً لا يستطيع حتى المطورون الرسميون تقديمه فيأسواقهم.
كانت هناك صعوبات هائلة ومكلفة جدا، مثل أن الصوت للرقمي يتطلب مساحة تخزين كبيرة جدا، وخراطيش الفاميكوم كانت محدودة الذاكرة جدا، مما اضطرنا لزيادة ROM الخرطوشة بشكل كبير لاستيعاب البيانات الصوتية.
غير ذلك كانت جودة صوت الفاميكوم منخفضة جدا (bitrate) ومع ذلك كانت تستهلك مساحة ضخمة، مما تطلب منا ضغط الأصوات بشدة مع المحافظة على وضوحها قدر الإمكان لجهاز لم يكن مصمما لتشغيل أصوات معقدة بسهولة.
احتجنا أيضا لاستوديو تسجيل وأشخاص لتسجيل التعليقات والأصوات (مثل "تسديدة النمر!" أو "مرر!") وتعديل الكود البرمجي للعبة حيث حددنا أجزاء معينة في كود اللعبة أين يتم تشغيل مؤثرات صوتية معينة (مثل صوت تسديد الكرة) واستبداله بروتين برمجي جديد يشغل المقطع الصوتي الذي أضفناه في الذاكرة الإضافية، في ما يشبه العملية الجراحية على كود البرمجة.
لم يكن هناك انترنت ولا معلومات. التجربة والخطأ كانت معلمنا الأول. كنا نقضي ساعات طويلة في تحليل ملفات الـ ROMوتجربة التعديلت المختلفة ومراقبة النتائج. كنا أحيانا نحصل على وثائق (غالبا يابانية) يسربها مطورون أو عشاق أجهزة، أو وثائق من شركات مثل رامار. التواصل مع مبرمجين تايوانيين لهم خبرة هندسة عكسية كان أمرا ضروريا.
س/ - مع أنكم ربما لا علاقة لكم بعملية التسويق نفسها، لكن مما تبادر لأسماعكم... كم تقدرون عدد النسخ الذي بيع في الطبعات الأولى من الكابتن ماجد 2 في الدول العربية؟ ما هي الدول العربية التي كان فيها الطلب أعلى فيه من غيرها؟ هل استنفذت الكميات بسرعة؟ هل كان تسعير الجهاز عائقا؟ وهل كانت النشرة تعد نجاحا تجاريا؟
ج/ من الصعب جداً تقدير العدد الدقيق، لكن مما تبادر لأسماعنا من Ramarوالموزعين، يمكنني القول إن مئات الآلاف من النسخ بيعت. أذكر أن السعودية ومصر ودول الخليج وبعض دول الشام وشمال أفريقيا كانت الأسواق الأبرز. كانت الكميات تستنفد بسرعة ملحوظة بعد كل دفعة إنتاج. كان الطلب يفوق العرض بشكل كبير في البداية.
س/ هل لاقى عملكم قبل هذا اهتماما صحفيا، أم أن هذا الحوار الأول من نوعه؟
ج/ لم يلق عملنا أي اهتمام صحفي أو إعلامي رسمي في تلك الفترة. كانت هذه الأعمال تتم بعيداً عن الأضواءالإعلمية التقليدية. الإنترنت لم يكن موجوداً بالشكل الحالي، والمجلت المتخصصة بالألعاب لم تكن تغطي هذا النوع من"التعريب غير الرسمي". هذا الحوار الذي نجريها الآن هو بالفعل من أوائل )إن لم يكن الأول( من نوعه الذي يسلط الضوءعلى هذه التفاصيل من وراء الكواليس.
س/ هل حصل أن رأيتم على أرض الواقع وقع هذا العمل على جمهوركم وحبهم له؟
ج/ نعم، وبشكل غير مباشر، لمسنا هذا الحب وهذا الأثر. كنت أرى الأطفال في الأسواق وفي تجمعات الأصدقاء يتحدثون بحماس عن اللعبة، ويقلدون أصوات الشخصيات العربية فيها. وملحظة كيف أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ذكريات الطفولة لجيل كامل، كل ذلك كان يؤكد لنا عمق الأثر. عندما ألتقي اليوم بشباب أصبحوا رجالاًويتحدثون عن "كابتن ماجد المعربة" وكأنها جزء من تاريخهم الشخصي، أشعر بفخر لا يوصف.
بشكل عام، ردود الفعل كانت إيجابية للغاية من الجمهور. لم تصلنا انتقادات مباشرة تتعلق بجودة التعريب أو الأداء )بصرفالنظر عن بعض الأخطاء الإملئية أو اللغوية البسيطة التي كانت نتيجة للقيود الفنية(.
المشاكل الأكبر كانت تتعلق بالتنافس في السوق غير الرسمي نفسه، حيث كانت هناك نسخ مقلدة لتعريبنا، لكن هذا جزء من طبيعة تلك الأسواق.
س/ هل كانت هناك نوايا لتقديم برامج وأجهزة تعليمية تتجاوز جهاز النيس؟
نعم، كانت هناك نوايا وطموحات كبيرة. كان النجاح الذي حققته تجربة التعريب، وخاصة التجربة الصوتية، وخطوة دمج الألعاب مباشرة في الأجهزة، قد فتح شهيتنا للتفكير في أبعد من مجرد ألعاب الفاميكوم. كنا نؤمن بأن هناك سوقاً هائلًٍللمحتوى التعليمي والترفيهي العربي التفاعلي.
كانت الأفكار تتجه نحو تطوير برامج تعليمية تفاعلية للأطفال باللغة العربية.
ربما التفكير في أجهزة بسيطة مخصصة لهذا الغرض، أو التوسع لأجهزة أكثر تطوراً كانت تظهر في الأفق )مثل أجهزةالكمبيوتر المنزلية الأكثر قوة(. لكن القيود التقنية، والحاجة إلى استثمارات ضخمة، والتحديات في سوق غير رسمي، حالت دون تحقيق هذه النوايا بشكل كامل.
هذه الأجوبة وصلتنا بشكل غير مباشر من الدكتور عدنان بحكم أنه لا يرتاح للكتابة الطويلة على الحاسب. لكننا حرصنا على التثبت من صحتها بمراجعتها معه وتنقيحها.
غير هذا، كان هذه فرصة للتثبت مع عدنان وابنه من بعض الأسئلة.
هذه الصورة الشهيرة التي وجدناها جزئيا فقط في ملفات روم لعبة التنين،
وحتى في النسخة الناطقة من الجهاز لا تظهر إلا اليد دون إظهار النص العربي كاملا.
أكد لنا ماجد أن المكتوب أسفله هو: مؤسسة باصفار التجارية جدة - المملكة العربية السعودية - مؤسسة كهرباء الصلاح
يبقى غير هذا الحديث عما تبقى عندهم من موارد من تلك الفترة.
ماجد / للأسف الشديد كان لدينا صور مستندات كابتن ماجد في مؤسسة باصفار وأعمال و مايخص ما قدمه لكن عند قدوم الوالد إلى اليمن ترك كل شيئ خلفه للأسف الشديد لكن سوف اتحقق من الوالد اذا كان يملك اي مستندات او أعمال، اتذكر انه كان لدينا ملصقات و صور لكنها تعرضت للتلف للأسف نتيجه عوامل الزمن والتنقل لكن اعدك ان ابحث بحث مستمر عنها
وكان هناك سؤال عن النسخ اللاحقة من تعريب الكابتن ماجد 2 التي غيرته إلى "الكابتن بسام". اتضح أنه مساهم فيها.
ماجد / طبعا هناك الكابتن بسام وهو أيضا بتعليق الوالد شخصيا في استوديوهات في تايوان و سيكتب في سرديته ذاك طبعا تم تعديل الخطوط محاولة تطورية، طبعا اكتشفت حتى ان تصميم الكرتون الخارجي لأجهزة رينكو و الصقر كانت من تصميمه.
عدنان / يا أستاذ حيدر، كنت أعمل في اليوم أكثر من 14 ساعة. حتى تصاميم العلب عملتها، يعني الشغل كله كان يدويا وبدائيا. مصادر الصور التي على الكرتون [الغلاف الكرتوني للجهاز] كانت من المجلات وأغلفة الدفاتر المدرسية وما شابهها.
النصيحة التسويقية: أبد احتياجات العميل.
كي تنمو، احرص على الجودة والسمعة.
كي تستمر، [عليك] مواكبة الحديث.
أما أنا فقد عشت في السعودية قرابة 50 سنة، تريبت وتعلمت... المهم، أكملوا المسيرة.
حيدر / أنت ألهمت أجيالا عديدة، ويوما ما، لا بد للألعاب التي من دبلجتك أن تنتشر.
بنفس المناسبة، لم يكن اسم عدنان ورامار يحذفه فقط من يريد سرقة الأعمال والأمجاد، بل حتى شركات أخرى. وكانت تلك مناسبة لطلب توضيحاتهم:
عدنان / والشيء بالشيء يذكر ، كان هناك أكثر من شركة تايوانية منافسة لشركة رامار Ramar ، على سبيل المثال Evergreen ، كانت تقلد منتجات رامار وخاصة كابتن ماجد ، طبعا هذا قبل اقتحام الشركات الصينية بعد الألفية ،حيث تحول الأمر إلى حيص بيص .لذا تجد احيانا تضارب أو تشابه في الموضوع.
ماجد / عندي تعقيب بسيط، ولتعذرني على قلة معرفتي لكن نحن والوالد جد متسامحين مع الجميع وعفى الله عن كل من اجتهد أو أخطأ وعفى الله عمن زل، الوالد يعلم الله أنه [الوالد] هدفه سامي في الحياة، وكذلكم أنتم والجميع. أي أحد نسب عملا للوالد وادعى، فهو مُسامح.
سألناهم أيضا عن الساعات والتجهيزات الإسلامية التي باعتها شركة رامار بالتعاون معهم. وحصل ذلك في مرحلة لاحقة بعد الكابتن ماجد 2 التي لم تكن نهاية مشوار عدنان أبدا.
ماجد / سؤال حيرني! كيف عرفت عن الوالد كان له مشاركه في ٢٠١٠ في مشروع ساعات لأوقات الصلاة؟ هذه المعلومه هذه معلومة جدا تعبتر دقيقه لا يعرف بها احد الا المقربين مننا!
ثم أرسل إلينا هذه الصورة.
ماجد / هذا واحد من القواميس التي عمل بها الوالد بالتعاون مع الدولية. النجم 5900.
طبعا تشاركنا الحديث عن القواميس و يوجد لدينا قاموس في البيت من بقايا أعمال الوالد، سوف أوثقه إن شاء الله.
قواميس اللغة العربية عبارة أجهزة ناطقه باللغة العربية.
بعض اعماله كانت في الحديث الشريف واللغة العربية.
الوالد للامانه بحر في الأفكار و المشاريع ليس امتداحا كونه والدي انما في طفولتي كان كنت اشاهده شغوفا بالأجهزة والمشاريع والأفكار لكن التسارع في التقنية و عوامل السوق هو ما اوقف تلك المشاريع، لكنه في رأي طموح لم يتوقف ابدا في 2014 أصدر جهاز تابلت للألعاب ونشره في السوق السعودي لكن لم يلقى رواجا، ثم عاد مشروع الساعات ثم توقف المشروع إلى اليوم بسبب التمويل

وأرسل لنا جهازا آخرا، أخيرا عرفنا منه ما هي نوعية "الأجهزة الإلكترونية الإسلامية" التي تتحدث عنها مدونات ومصادر أجنبية عن رامار. لم تكن مجرد ساعات منبهة كما خيل لنا، بل كانت تجهيزات مفصلة:
ماجد / مفكرة المسلم الرقمية معلم للمسلم و موجه، يوجد فيه اوقات الصلاة والأذكار وصفة الصلاة
ماجد / قاموس القرآن الكريم تفسير وتبيان.
ماجد / وهذا دليل الاستعمال. سأحاول أن أشغل هذه الأجهزة وأدون ميزاتها.
كان هذا تعليق عدنان عن الموضوع:
عدنان / وبعدئذ ، انتهجنا خطا آخر ، مثل القواميس الثنائية الاكترونية ، القرآن الكريم مع صحيح البخاري، ساعة مواقيت الصلاة.....الخ. وبمناسبة جهاز القرآن الكريم والذي كان يعتبر الأول من نوعه في العالم ، كان كل صفحاته البالغة 604صورة بصيغة jpg أو png ، بالرسم العثماني ولم يكن نصوص إملائية .
هذه المسألة أمكننا التثبت منها في ذلك الزمن، حيث أن الكثير من الكتب المطبوعة في أواخر التسعينات كانت تجلب الآيات من اسطوانة من آفاق ميديا تقدم ميزة تقديم الآيات على شكل صور للحفاظ على جمالية الرسم العثماني بدون أخطاء محتملة.
المقال
أخيرا، يسعدنا تقديم مقال صغير جهزه لنا الدكتور عدنان محمد قاسم يحكي عن قصة الكابتن ماجد 2 بعباراته. الأجوبة المذكورة أعلاه هي خلاصة المعلومات التي تثبتنا منها معه بعد الأسئلة والأجوبة والتصحيح والتثبت من جانبنا.
هذا المقال هو الجزء الأول من مقالات عديدة عن نفس هذا الموضوع، نتمنى أن تترقبوها بكل شوق ♥
نود أن ننوه أيضا أن نشر هذا المقال قد لاقى الكثير من الصعوبات في نشره، وأننا بذلنا جهدنا في التثبت من المصدر ولا نتحمل أي مسؤولية عن محتوياته.
مقال رائع
ردحذفهذا هو المقال المفضل لدي
ردحذف