من بين الأمور التي يتذكرها جمهور الأنميات من سبيستون ودبلجة الزهرة هي طريقتهم الاستعراضية جدا في حجب المواضيع المحظورة، إلى درجة أن المشاهد يتعب في متابعة العمل ويضطر إلى البحث عن العمل بلغات أخرى لو كان مهتما بالقصة.
كان المدافعون عن القناة، وحتى بعض الموظفين فيها، يبررون ذلك أنه شيء ضروري لا يمكن الاستغناء عنه، لأنهم يرون أنها أعمال موجهة للأطفال وتفسد عقولهم بأفكار يرون أنها تخالف الدين، ووصل بهم الأمر إلى تصنيف "الخيال" بصفة عامة أنه شيء محرم وليس فقط "السحر"، ولذلك كانت دبلجة دراغون بول غريبة وكل شيء فيها من ذيل البطل (الذي قالوا أنه ميكانيكي) وفنون القتال والحكماء (التي حولوها إلى علماء وأساتذة) إلى حتى التنين المذكور في العنوان (الذي حذف برمته) غيرت قصته لتصير لها "تفسيرات علمية غير خيالية"، ويبدو أن هذا الحديث وصل حتى المدبلجين في أمريكا والشركة الأم اليابانية.
إلا أن الوضع تغير في السنين الأخيرة وتغير الخط التحريري للشركة كثيرا، مما رجح الكفة أن سبب تلك التصرفات هو استهتار الشركة بمسألة أمانة الترجمة أو احترام المشاهد، وأن مسألة الحجب كانت مجرد استعراض للتسويق للعمل، وقد تنازلوا فيها عندما جاء الضغط من جهات غربية حتى تصير الأعمال التلفزيونية تروج لأفكار منحطة هدفها تغيير عقول المجتمعات؟ (أو لعل الأصح أن نقول أن الأمر بدأ منذ زمن بعيد، لكنه توضح أكثر اليوم بسبب التمادي فيه وبسبب تجاوز الانحطاط لكل الخطوط الحمراء للذوق السليم وأبسط أخلاق البشر؟)
السؤال الذي يطرح اليوم - هل توجد طرق أخرى كان يمكن تقديم الأعمال الأجنبية بدون تشويه قصتها وفي نفس الوقت باحترام الدين والأعراف والتقاليد؟
ربما كي نجيب عن ذلك السؤال يجب أن نرجع إلى أعمال الأنمي التي كانت تدبلج قبل أستوديو الزهرة، وفي تلك الفترة كانت الأعمال اليابانية متسيبة أكثر من اليوم من ناحية العري والدموية (بسبب التأثر بما يسمى تيار الإباحة والحرية الجنسية في الستينات في أمريكا) وكان الجمهور العربي محافظا أكثر من اليوم وكانت الامكانيات بدائية أكثر من اليوم. كيف كانت الدبلجات العربية تحجب المحتوى المحظور؟
حتى نجيب عن هذا السؤال سنبحث عن أمثلة معروفة لأعمال قديمة فيها هذا الحجب، وكيف تعامل معها المدبلجون القدماء، وكيف كان تعامل الزهرة معهم بالمقارنة. الشكر الجزيل ل derbydali و net167 لتوفير المادة الأولية للكثير من هذه الأبحاث.
ملاحظة: الصور في المقال مأخوذة من النسخ الأصلية لهذه الأعمال، ومع أن المشاهد المذكورة فيها لقطات عري أكثر من ذلك، إلا أننا حاولنا على الأقل تقليل ظهورها. بعض الصور اقتطعت منها بعض الأجزاء العمودية بسبب جودة الفيديو الرديئة، ويصادف أن هذا ينقص أحيانا من العري الظاهر في الصورة. مع هذا كله، فإن هذه المقالات تصف النسخة الأصلية بتفاصيل ربما قد لا تريح أو تحرج بعض القراء الكرام، لكنها ضرورية لنتحدث عن هذا الموضوع.
الأعمال التي تنشر بعدد حلقات ناقص
أحيانا لا يكون التفسير خطيرا إلى ذلك الحد. حسب المخرج اللبناني وئام الصعيدي، فالسبب كان تخفيف التكاليف على كاهل القنوات والموزعين الذين يشترون الحقوق من أصحاب العمل الياباني.
عادة يستغني الموزع العربي عن الحلقات التلخيصية التي لا تقدم مجرى الأحداث لكن تستعمل صورا من حلقات سابقة، لكن أحيانا أخرى يشتري حقوق موسم أول من العمل ثم يتوقف أو يشتري بعض الحلقات الأخيرة من نهاية العمل ليكمله. والحالة المثيرة الأخرى هي تجاوز بعض الحلقات وهذا أسلوب كان يحصل بلا سبب، لكنه في أحيان أخرى كان يحصل لتجاوز بعض الحلقات التي تكثر فيها المواضيع المحظورة.
المسألة الأخرى هي التخلص من الفواصل (eyecatch) التي تحصل في وقت الفواصل الإعلانية، ومن مشاهد أخرى تظهر فيها بعض بقايا النصوص اليابانية مثل "يتبع" و "النهاية".
المواضيع الجنسية
على حسب ما يقوله بعض المتابعين سابقا، فإن بعض الأعمال مرت فيها بلاوي لأن فريق الترجمة كان يحسن النية ولم يكن عنده اطلاع ثقافي على البلاوي التي تحصل في الدول الأجنبية، لذلك مرت مشاهد مثل بنتين في سرير وبنت مهووسة بأخرى بشكل غريب ظنه المترجم مجرد "حب تملك" (أخي العزيز، الأردن)، أو شخصيات بنات تحاول تقمص أدوار مخصصة للرجال ظنه المترجم شيئا عاديا وترجمه كما هو باستعمال كلمات مثل "الصداقة" و "البطلة" ولكنه أحسن وتحدث عن البنات على أساس أنها بنات حتى لو لم يكن النص الأصلي كذلك (مثل ليدي أوسكار والأميرة ياقوت، أيضا من دبلجات أردنية)، أو ولد يحكي مع ولد آخر أنه "سيعلمه كيف يتحدث مع الفتيات" وينسجم بشكل مبالغ فيه في الدور حتى تدخل بنت وتظن أن "شيئا غريبا" يحصل (إحدى أعمال السوبر روبوت، دبلجة لبنانية)، أو بعض الأولاد المتشبهين بتصرفات النساء (نينجا كابامارو، لبنان).
لا يمكن مع هذا أن نقول أن هذا شيء لم يحصل مع الزهرة، لأن دبلجتها لعمل زهرة الجبل كانت كارثية من ناحية أن المترجم كان مهووسا بحذف جميع المشاهد التي تلمح أن هناك حب بين أي رجل أو إمرأة (وهذا جنون في عمل تصنيفه شوجو) لكنه ترك بلا أدنى تغيير مشهدا فيه "تنكر" أحد الأولاد (وشعره طويل) في لبس امرأة بفستان، وكيف يتحدث بطريقة أنثوية ويحاول إغراء المفتشين بمظهره وتصرفاته حتى يتركوه وشأنه. مسألة "غير العادي" و "العادي" إذن عند أستوديو الزهرة في تلك الحالة تطرح الكثير من نقاط الاستفهام حول عقلية المترجمين وفريق الإعداد عندهم.
لكن بدل أن نطيل الحديث عن دبلجة الزهرة التي تستحق مقالات كثيرة عنها، سنرجع لحالات من الأعمال القديمة ونذكر تعاملهم مع هذه المسائل.
ساندي بل / Hello Sandy Bell (لبنان، 1981) - هذا عمل شوجو بامتياز، ولسبب ما قررت الزهرة شراء حقوق تلك الدبلجة القديمة وبثها مع حجب إضافي (خاصة مشاهد حفلات الرقص في قصور النبلاء) ولكن لن نتحدث عن تلك، بل عن البثوث الأصلية.
حسب بعض المصادر، فإن معايير مخرج الدبلجة الأصلية (وئام الصعيدي) للحجب كان التخلص من اللقطات التي في كان فيها، حسب قوله، "العري والويسكي".
مثل أي عمل ياباني، كانت هناك مشاهد فيها لعب على شغاف قلب المتابع الشهواني الذي تحركه غريزته، ومنها مشهد في الحلقات الأولى كانت البطلة تجلس فيه بفستان خفيف مهلهل تحت حبل غسيل علقت فيه ملابسها الداخلية. يبدو أن البث الأصلي للدبلجة اللبنانية، وبعض نسخ الأشرطة الأولى، لم تقطع ذلك المشهد ودبلجته بالكامل، لكنه حذف من النسخ اللاحقة.
يوجد مشهد آخر في نهاية الحلقة السادسة تكاد تغرق فيها البطلة لولا مساعدة مارك، ويخرجان فيها مبتلين من النهر، وبدأ الاثنان يخلعان ستراتهما الخارجية المبتلتين. تتوقف الدبلجة العربية عندما تقول البطلة "لقد تبللت ثيابي" وتخطت المشهد كله إلى ملخص الراوي كيف "أخذت صورة كليهما تنطبع في مخيلة الآخر" مع ظهور سريع لمشهد الشجر والبطلين في نهاية الحلقة.
الجزء المحذوف من النص الأصلي لم يؤثر على القصة إلى ذلك الحد. عندما خفف البطلان من ملابسهما، فجأة تذكرا غرائزهما وبقي البطل يتفرج مبهورا والبطلة خجلت فأخفت قميصها بوضع يدها على صدرها، ثم بعد صمت درامي طويل أرادت أن تتخلص من إحراج الموقف بالضحك وقالت أنها لأول مرة ترى أميرا مبللا، وهو قال أنه لأول مرة يرى بطلة مبللة.
هذا النوع من المشاهد لم يكن يسبب إحراجا لنفس فريق الدبلجة قبل 5 سنوات مع عمل غرندايزر (في الحلقة 23 كان دايسكي وهيكارو في موقف مشابه في كهف) لكن يبدو أن طلبات القنوات تغيرت وقتها، إلا أن غاية المخرج لم تكن التغطية على وجود المشهد جزءا من القصة أو وجود هذه العواطف، لكنه أراد أن يقلل من التركيز عليه. بعبارة أخرى، لم يكن يمانع أن البطل مسحور بجمال البطلة وهي ترتدي ملابس مهلهلة، لكنه لم يرد أن يتحمس المشاهد أيضا لنفس ذلك المشهد ورأى أن المشاهد يكفيه أن يعلم أن القصة حصلت باختصار وفقط.
أخيرا وليس آخرا، كانت هناك الحلقات الأخيرة من العمل، أين كانوا يبحثون عن أم البطلة التي لا تعرفها وعاشت عمرها كله وهي لا تعرفها. يتساءل أبطال العمل في مرحلة ما هل أن لقاء هذه الأم فكرة جيدة، لأنه يحتمل أن تنصدم ساندي بل وتجد أنها تعمل في مهنة غير شريفة مثل الدعارة مثلا. لكن النسخة العربية ترجمت هذا بشكل غريب، وهو "ربما تكون مختلفة عن المرأة التي نعرفها" لكن... المشكل أنهم لا يعرفونها أصلا. مع هذا فهذا التغيير فكرة جيدة لأنه يحافظ على سلامة فكرة القصة دون أن يفسدها ودون أن يضطر للدخول في مواضيع محظورة.
فارس الفتى الشجاع / Ganbare Genki (الأردن، الثمانينات) - هذا العمل قصة رياضية عن طفل يطمح ليصير ملاكما.
كانت هناك حلقة (التاسعة، لكنها الثامنة بالترقيم العربي بسبب حذف حلقة قبلها) عن فارس (غنكي) وهاني (نوبورو) وقد كانا صديقي طفولة عندما كان فارس فقيرا، لكنه انتقل للمدينة مع أقارب أثرياء. استقبل فارس هاني في بيته الجديد بحفاوة وكان هاني سعيدا أن تغير طبقته الاجتماعية لم يغير صداقتهما، لكنه أحس بالإهانة عندما أعطته الجدة بعض المال وهو يخرج من البيت، وقال أنه لم يأت لغير رؤية فارس، ثم رحل غاضبا. لم يفهم فارس سبب غضبه، وخرج مسرعا من المدرسة في اليوم التالي بحثا عن بيت هاني.
هنا في النسخة المدبلجة يحذف مشهد كامل، ويمر مباشرة لمشهد جلوس فارس حزينا وهو يتذكر الحوار. بعد ذلك يمر على مطعم فيه هاني مع أمه وأخته، وتتحدث الأم في النسخة العربية "إذا زاد وزني كثيرا، سأفقد وظيفتي كما تعلم". بعد ذلك يعترض هاني وأخته بعض الصعاليك ثم يتغير المشهد فجأة (بعد حذف مشهد ثان) إلى مشهد شجار بينهما ويأتي فارس في الوقت المناسب لإنقاذهما، ويتصالحان بدون أن يسأل فارس عن سبب غضب هاني.
الدبلجة العربية نجحت في تقديم حلقة مفهومة مجملا وفيها كل الأحداث الرئيسية، ويمكن للمشاهد العربي أن يتخيل أن سبب غضب هاني هو عزة نفسه وأنه يرفض أن يقبل مالا لم يعمل مقابله، وهو تقريبا نفس السبب في القصة الأصلية.
لكن سنتحدث عن المشهدين المحذوفين هنا.
المشهد المحذوف الأول يبدأ بذهاب فارس للبحث عن هاني، ويذهب إلى مكان عمل أمه الذي هو محل لافتته وردية وواضح أنه "ليس مكانا للأطفال" حسب كلام الشخصية. يتبين أن أم هاني هذه... على أقل تقدير تعمل راقصة تعري محترفة، وفي هذا المجلس تدرب امرأة عارية تلبس فقط قميصا مفتوحا سبب وجوده الوحيد احترام لوائح بث التلفزيون الياباني في تلك الفترة، ترقص به وتفتحه عندما في اتجاه لا تظهره الكاميرا، بينما أم هاني هذه تعطيها التعليمات كيف ترقص وكيف تتمايل. لا يبدو مع هذا أن هذا المشهد سبب وجوده هو إثارة أي غرائز، بل أن القصة تظهر أنها مهنة مذلة جدا. الشيء المهم أن أم هاني بحد ذاتها ليست خليعة اللباس بل ترتدي معطفا فوق فستان كامل، لكنه يظهر أنه فستان يعطي انطباعا "رخيصا" قليلا.
يدخل فارس ويراقب باستغراب هذا المشهد الذي لا يفهمه، فيعترضه... "السمسار"، أو "البواب"، لو تفضلون هذه التسمية. يهم السمسار بضربه لكن أم هاني تتدخل وتطلب من السمسار أن يتوقف، ثم تطلب بلطف من فارس أن يخرج من المحل، لكنه يسألها عن هاني. بعدها تذهب معه إلى وراء "المحل" ليفسر لها القصة.
الآن يظهر الجزء المهم للقصة من المشهد. تقول الأم لفارس أنه "صار متكبرا" لكنها تمد يدها وتقول أنها سترضى بذلك المال لو مازال عنده، لأن المال لا يهم مصدره عندها وهي في حالة الفقر المدقع تلك، بما أنه "أمير صغير عنده مال وفير".
بقية المشهد إكمال لهذا الحوار وهو يتذكره على حافة نهر، وهذا الجزء فصاعدا حافظت عليه الدبلجة لكن مع تغييرات خفيفة حتى لا يؤثر التقطيع على فهم القصة. في النص الأصلي يطلب منها أن يعتذر له لكنها تقول له "لو أنت متأسف حقا فلا تكلمه وتزعجه أكثر من هذا". ثم يستمر سرد قصة هاني. يبدو أن القصد من النص الأصلي كان أن هاني عزيز نفس ومحبط من وظيفة أمه وكون الفقر يرغمها على قبول المال مهما كان مصدره، ولذلك يسافر ويبدأ بالعمل ليكسب رزقه ورزق أمه بمهنة شريفة، لكن أمه تعلم هذا ومع ذلك تريد أن تقبل ذلك المال بنفسها بدون أن يزعج هاني بالمساهمة في تلك التصرفات.
النسخة العربية ترجمت هذا إلى "أفهم شعورك، أتركنا في حالنا"، التي يمكن أن تعطي انطباعا أنها عزيزة نفس أيضا، لكنها لا تبتعد كثيرا عن النص الأصلي.
أما المشهد الثاني فهو قصير جدا، وهو لفارس وهو يبحث عن هاني في الليل عندما اعترضه الصعاليك في الحي سيء السمعة، فذهب يسأل "سمسار" "المحل" الذي "تعمل" فيه أم هاني، وهو يمسك "لافتة" مرسوم عليها صورة توضح طبيعة الخدمات في المحل. بعد أن ينتهي الحوار وكأن شيئا لم يكن لأن أطفال اليابان ما بعد الحرب العالمية الثانية يرون تلك المناظر طبيعية على ما يبدو، عاد السمسار فورا إلى مهنته وبدأ يشجع بعض المارة الرجال المتحمسين على زيارة المحل.
يبدو كذلك أن هناك حوارات سابقة للأطفال في المدرسة وهم يعيرون هاني بوظيفة أمه، لكن على ما يبدو (لم نتثبت بسبب قلة المصادر عن هذا العمل،
صاحب الظل الطويل / My Daddy Long Legs (الأردن، الثمانينات) - عمل شوجو آخر حافظ على معظم تفاصيل قصته الغرامية في نسخته العربية. لكن كان هناك تغيير ملفت في الأحداث في الحلقة الأولى.
البطلة كانت لقيطة، تركتها أمها في سلة على عتبة دار أيتام، ثم هربت. ربتها دار الأيتام بعد ذلك، ثم نظمت الدار حفلا خيريا استضافت فيه الداعمين ليختاروا من يتبنونه من بين الأطفال. بعد ذلك حصلت البطلة على رسالة من أحد المحسنين قرر تمويل دراستها لتبدأ بمراسلته. قصة الأم لم تظهر أبدا في النسخة المدبلجة لأنها كانت جزءا من مشاهد في شارة النهاية التي لم تستعمل في الدبلجة العربية، والحلقة الأولى بدأت مباشرة والبنت طفلة على مشارف الصبا. لكن المترجمين العرب لم يكتفوا بذلك الحد من الحذر، بل تمكنوا بطريقة ما من تقليل ذكر كلمات مثل "ميتم، أيتام" إلى أقصى درجة ممكنة، وإن ذكروا شيئا يقولون مؤسسة أو "ليس عندي أحد في الدنيا" أو شيئا مماثلا.
وهذا الأسلوب يستحق التوقف عنده أيضا. المترجمون العرب هنا لم يكن هدفهم تغيير القصة، لكن فقط تجنب بعض المصطلحات، سواء لأنها جارحة، أو لأنها تلمح لمواضيع تؤدي إلى مواضيع محظورة.
نينجا كابامارو / (لبنان، 1981) - عمل كوميدي ياباني، فيه الكثير من اللقطات الغريبة التي مرت بدون حذف، خاصة الشخصيات التي طباعها تشبه طباع النساء، أو الآنسة نوغونوسا التي ترجموا اسمها "تاكارا" حتى يحافظوا على التلاعب اللفظي مع "آنسة قذارة" (والقذارة بقيت ظاهرة في الصورة وهي الروث البشري)
لكن رغم هذا كله، يبدو أن بعض المشاهد استهجنها فريق الإنتاج العربي لدرجة أنه قرر حجبها، مع أنه ترك مصائب أخرى تمر.
من بين هذه المشاهد أن هناك شخصية رجل عضه كلب في مؤخرته ومزق له قطعة من سرواله فترك فتحة في الوسط أبقت لحم مؤخرته مكشوفا وعليه آثار عضة. هذا الشيء بحد ذاته ربما كان الطاقم العربي ليكتفي باختصار اللقطة إلى بعض الثواني عادة، لكن هناك مستجدات أخرى أرغمته على قص دقيقتين تقريبا. يذكر أن الفريق العربي لم يبذل أي مجهود للتعويض عن هذه المشاهد لأنها لا تفيد القصة بأي شكل ووجودها مثل عدمه، ولأنها فكاهة رخيصة بعض الشيء.
نبدأ بوصف هذه المستجدات. أحد الشخصيات "المتشبهة بالنساء" تدخل المشهد وتحاول أن "تطمئن" على ضحية عضة الكلب هذا، ويبدو أن الطمأنة بالكلمات لا تكفيه فبدأ يمد يده أيضا ويحكي عن مرهم عنده يزيل الالتهابات والجروح. طبعا هذا الحوار لا يؤدي لأي نتيجة يحمد عقباها، والرجل نفسه أحس بهذا، فتراجع مهرولا.
في مشهد آخر محذوف، كان نفس هذا الشخص يركب سيارة مع سيدة، وعوض أن يمسك مقبض تبديل تروس السيارة أمسك فخذها، فبدأت تصيح أنه منحرف. يكمل مشهد محذوف آخر هذه النكتة عندما تلتقيه لاحقا وسرواله ممزق بتلك الطريقة الغريبة، وتطلق عقيرتها بالصراخ مرة أخرى وتصيح أنه حقا منحرف، بعد أن تنصدم حقا منه.
الأمر الذي كثيرا ما يقال عن هذه الدبلجات أنها كانت "وكأنك تتابع العمل الياباني بدون تغييرات" لكن ربما الوصف الأصح أن فريق الدبلجة يحذف حقا، لكنه واجه مصائب كثيرة في العمل إلى درجة أن مخه احترق وركز فقط على بعض المشاهد الأشد خطورة وترك مشاهد كثيرة أخرى تمر. أو ربما أن ذلك أفسد تصوره لماهية "الشيء العادي مروره بدون حجب" لأنه صار في لاوعيه يقارن بمعايير العمل فقط ونسي معايير بلده. أو ربما لأن لبنان في السبعينات كان فيها فنانات تسجل وتنشر أشرطة أغاني فيها كلمات جنسية صريحة تصف مشاهد سريرية بدون ترك أي هامش للخيال، وهذا الوضع أثر قليلا على فكرة "العادي" لدى المدبلجين حتى لو حاولوا ألا يؤثر. وربما يوجد الكسل أيضا، لكن الكسل موجود عند الزهرة أيضا (عندما تحذف وتجمد لقطات لأكثر من ربع الحلقة ولا يهمها، عوض تقديم بدائل مقبولة للمشاهدين)
زهرة الجبل (الأردن، التسعينات) - في هذا العمل قصة شوجو أبطالها من فترة الحرب العالمية الثانية، وأحد العواذل الذي يعرقل قصة الحب الرئيسية هو نبيل سويسري أو فرنسي متواطئ مع جيش أبو شنب (الذي دبلجوه إلى "جيش العدو" حتى عندما يحكي الخونة والنازيون عن أنفسهم، وأدى هذا لتعابير غريبة مثل "يعادون جيش العدو" وإلى قطع كثيف للمشاهد أثر نوعا ما على فهم القصة، مثل مشهد معرفة أحد الأبطال الفرعيين وهو ملحن أن والديه قد قتلا عندما قرأ سجلا مسروقا من ذلك الجيش.)
الموضوع فيه كلام كثير، خاصة مع نسخة الزهرة الرديئة (سوريا) التي دبلجت لاحقا وشوهت القصة. النسخة الأردنية حافظت على معظم القصة ولو أنها اختصرت بعض التفاصيل عن استحياء، مثل فكرة الخيانة الزوجية والحب الأول التي صار وصفها مقتضبا لكن يظل مفهوما في النص العربي.
لكن هناك مشهد طوله دقيقتان في الحلقة الثانية يستحق التوقف عنده. (لن نضع كل صوره لكن البطلة كشفت عن كل شيء تقريبا فيه.)
البطل يهرب بالبطلة من النبيل المجنون الممحون الذي يريد التزوج بالبطلة القاصرة لأنها تشبه أمها التي أحبها وكرهته وماتت قبل أن يتزوجها غصبا، فحول وجهته إلى ابنتها. الهروب كان استعراضيا بالقفز من أعلى شرفة تشرف على هاوية يجري في أسفلها نهر. يسبح البطل بالبطلة ويكافح بكل جهوده لإنقاذها حتى يصلا إلى اليابسة، ثم يغمى عليه. تكتشف البطلة أن حرارة جسد البطل في هبوط حاد وتجره إلى كوخ وهو فاقد الوعي، وتجعله يفترش القش وتحاول تدفئته، لكنها تقرر أن تخلع ملابسهما (كل شيء، بلا استثناء) ويتلاصقا طوال الليل إلى أن ترجع حرارته. يتعافى في الصباح ثم يستيقظ ثم يحرج من الموقف عندما يراها بدون ملابس. لكن يظهر رجالات النبيل المجنون ومعهم كلابهم التي أوصلتهم إلى قرب الكوخ، وتستمر القصة.
الأسلوب المنطقي في التعامل مع هذا المشهد كان ما فعله الفريق الأردني، إذ أنه ببساطة حذف كل شيء منذ أن رأت البطلة الكوخ وهي تجر البطل، وبدأ بقية الحلقة من اللقطة التي يبحث فيها رجالات النبيل مع الكلاب قرب الكوخ. الأسلوب ممتاز ولم يلفت الانتباه أن هناك مشهدا ناقصا أبدا.
فهذا المشهد يعطي انطباعا رخيصا جدا عن مزاج البطلة وطباعها واستعدادها لفعل أي شيء، لأن المشاهد يعلم من السياق أنها تحب البطل جدا وهو يحبها جدا، وفي حلقات لاحقة مازال هناك بعض الحياء بينهما، فليس من المنطقي أن تنسف تلك المسافة ثم ترجع ثم تنسف. ولعل هذا كله من عيوب العمل الأصلي لكن لا يمنع أن هذا التصرف في النسخة العربية حسن من تجربة المشاهد.
الشيء المذهل مع هذا كان أن أستوديو الزهرة، الذي يكره فكرة الحب ويغيرها أينما رآها، حافظ على هذا المشهد دون أدنى تغيير للصوت، واكتفى بتكرير اللقطات. كتف البطلة العاري جمدت الصورة فوقه، وكذلك الملابس المنزوعة، وصوت خشخشة القش، والقمر الذي يتكرر دورانه من نفس الشباك عشرات المرات وكأن القيامة قامت، والببغاء المحرج...
وأسلوب الزهرة هذا كانت له نتائج عكسية جدا، لأن تركيز المشاهد كله صار على ما يحصل في هذا المشهد، بل أن خياله ربما يصور له أشياء أخطر حتى من الموجود في العمل الأصلي (الذي لم يبق إلا القليل فقط لم يفعله، ولا ينقصه إلا أن يستيقظ البطل وأن يشارك بنشاط أكثر في المشهد)، على عكس النسخة الأردنية التي ألغت تركيز المشاهد على ذلك المشهد وجعلت المشاهد يركز فقط على بقية القصة.
سانشيرو (لبنان، 1979) - عمل أنمي موجه للأطفال فيه قتالات "دمى" كما كانوا يسمونها.
هناك طبعا بعض المشاهد، منها مشهد من دقيقة كاملة فيه شخصيات نسائية تستلقي بملابس خليعة جدا قرب أحواض السباحة وتتلقى مكالمات غامضة من بعض الأشرار المهمين الغامضين الذين يتوعدونها أنهم لا يثقون بها في مسألة عرقلة الطفل بطل القصة، وهي ترد أنها مازالت مصممة على تدمير مسيرته الفنية في (يتفقد الملاحظات) قتالات الدمى.
يبدو أن الفريق اللبناني استغنى عن هذا المشهد برمته. والحق يقال، كان يمكن إنقاذ بعض هذا المشهد لو كرروا بعض اللقطات، لكن على من نكذب؟ المشهد لا يقدم القصة كثيرا وهو مجرد تشويق لأمور سيعرفها المشاهد في الحلقات القادمة، وتبريره الرئيسي هو ملابس شيلا التي لا يمكن أن نقول أنها ملابس سباحة، ولا حتى ملابس داخلية مريحة أو كافية للاستعمال اليومي، بل ربما ملابس لا تصلح إلا لأنشطة أخرى.
شخصيا ولو أنه إقحام لرأيي الشخصي، يعجبني في أسلوب الفريق اللبناني أنه ينظر للمشهد قبل حذفه هل يخدم القصة أم لا، ثم لا يتردد في التخلص منه كله بدون أنصاف الحلول مثل اللقطات المتقطعة والمتكررة من أستوديو الزهرة التي تجلب الدوار والمغص والاستفزاز وتضيع وقت المشاهد ولا تحترم عقله. لا أشك أن الكثير من المتابعين في ذلك الزمن ما كانوا ليتصوروا أن تلك اللقطة موجودة أصلا، إلا بسبب قفز الصوت أحيانا، لأن المدبلجين يحرصون أن تكون نقطة البداية والنهاية لا يكاد يلاحظها أحد. لكن لعل هذه المفارقة المفجعة في المسألة: عندما يقوم المدبلج بدور الحجب على أتم وجه لا ينتبه المشاهد له فيظن أنه لم يحصل حجب، لكن عندما تقوم الزهرة بذلك التقطيع المزعج يلفت انتباه المشاهدين لوجود حجب ويظنون أنها الوحيدة التي تحجب...
يبدو أن بعض هذه الحلقات التي حذفت برمتها صادف أن فيها شخصية رجل يلبس ملابس خادمة أنثى يزعم أن اسمه رانكو (بداية من الحلقة 12) وهذه الشخصية تأخذ مشاهد كثيرة في حلقات قادمة. في الحلقة 29 يحاول رانكو أن يصدم شخصية أخرى ويخلع الفستان ليكشف أنه رجل، لكن هذه الشخصية الأخرى يتبين أنه رجل "لا يمانع" حتى رغم هذه المعلومة الجديدة، وحتى هو يخلع ملابسه لأنه يريد حسب أقواله أن "نقطف معا الثمرة المحرمة ونمارس حب قوم لوط" (حرفيا ذكر اسم مدينتهم في النص الأصلي)... وربما وجد المدبلجون اللبنانيون أن من الأسهل حذف تلك الحلقات برمتها وتلخيص أحداثها في حلقات لاحقة على أن يحاولوا التعامل مع تلك المشاكل. وأظن أنهم خيرا صنعوا.
عدا حرمان الجمهور العربي من الحلقتين الأخيرتين الحقيقيتين ومشهد للقاء البطلة بحبيبها في مشهد شاعري أمام البحر تحت منطاد، وربما تقطع السرد قليلا، وكون هذا القرار حصل للأسباب الغلط وهي تكاليف شراء العمل أو جعل عدد الحلقات رقما مناسبا للبثوث، إلا أني أختلف جدا مع آراء من يقول أن هذه الحلقات كانت خالية من المحظورات الأخلاقية... لم تكن ممتلئة بها لكن لم تكن خالية منها أيضا. الدبلجة العربية تقريبا لم تلاحظ فيها معظم هذه الأمور ولم يقع لفت الانتباه لها، لذلك أقول أنه حتى لو كان اختيار العمل غريبا، فقد خرجوا منه بأخف الأضرار.
مثل هذا المشهد للشريرة بابونا وهي تعمل أشياء كثيرة مثل حمامات السونا أو التمارين الرياضية حتى ينقص وزنها كفاية لتتمكن من خلع حذائها الضيق. فكرة قصة الحلقة كلها بقيت، وكذلك الابنة تقول في الدبلجة بوضوح قبل المشهد المحذوف "لن تستطيعي خلعه يا أمي ما لم تنقصي وزنك" ويبدو أنه كما هو الحال مع المثال المذكور في ساندي بل أعلاه لم يكن المدبلجون يمانعون الحديث عن الفكرة لكن كانوا يمانعون ظهور صورها.
الآن... نحكي عن النسخة العربية.










مقالة رهيبة, يُشكر مجهودك
ردحذفقريتها كلها وأسلوبك جميل
ردحذفهل لديك هذه الألعاب لمشاركة ملف ISO الخاص بها؟ https://www.tiktok.com/@cl2sic/video/7473111869583183112 https://youtu.be/pqyTtndHqek?si=FMLtX_RPG1GOE3j4ردحذف
ردحذف